كان الصحفي سابقاً يجد بعض المعاناة عندما يريد تغطية حدث ما سواء كان مستعداً ومحضراً لتغطيته أو أنه قد شاهده بالمصادفة في طريقه، فقد يفوته توثيق مشهد أو موقف أو خبر مثير بسبب أنه لم يكن يحمل كاميرا التصوير أو جهاز التسجيل أو ورقةً وقلما، فضلاً عن تقديمه تلك المادة لصحيفته وينتظر حتى اليوم التالي وعدد الغد لنشرها، أما اليوم فلم يعد الأمر صعباً، بل أصبح بالإمكان أفضل مما كان، فيمكنه بث الخبر ونشره مباشرة صوتا وصورةً من موقع الحدث دون الحاجة للآلات المذكورة سابقاً ودون الحاجة لمساعدة أحد لا صديق ولا زميل، وذلك من خلال هذه الأجهزة الصغيرة العجيبة «البعض يسميها ذكية والبعض يسميها غبية» والتي بسببها تجاوز الأمر الصحف والصحفيين فأصبح الكل صحفيين ومراسلين بل ومذيعين. فما أن يحدث أمر ما في أي مكان ما إلا وتجده منتشراً من قبل عامة الناس قبل الصحفيين أصحاب الاختصاص، وذلك من قلب الحدث «صوت وصورة» فينتشر كالنار في الهشيم دون مراعاة لخصوصية الناس في هذا المشهد أو ذاك «كالحوادث والمشاهد المؤلمة وغيرها»، كذلك هناك أمر أردت طرحه والتعريج عليه، وهو محور مقالي وأريد التنويه إليه، وهو تصرفات البعض عندما يكتشفون أمراً مخالفاً سواء في محل تجاري أو مطعم أو سوق أو غيره، فإنهم سرعان ما يقومون بتصوير ونشر ذلك الأمر بل ويقومون بتحذير الناس من التعامل مع هذا المحل الذي وجدوا فيه المخالفة. وأرى من وجهة نظري المتواضعة أن هذا خطأ، وأعتقد أن الصحيح هو الإبلاغ عن المخالفة فوراً للجهات المسؤولة وهي بدورها تتعامل مع الموقف، وإذا لزم الأمر وخشينا أن يطمس العامل معالم تلك المخالفة قبل وصول الجهة المختصة فلا بأس من توثيق المخالفة بالصوت والصورة وإبلاغ الجهات المعنية وتزويدها بالمقطع الذي يثبت المخالفة دون النشر والتشهير، وبالتالي تحقق الهدف الأسمى وهو حماية البلد والناس من هؤلاء الغشاشين، وفي نفس الوقت لم نقم بالتشهير بالمحل وصاحبه، الذي في الغالب لن يكن راضياً بما يقوم به عماله من مخالفات دون علمه، مع أهمية الإشارة إلى أن أغلب تلك المقاطع المنتشرة في هذا الخصوص يتم تصويرها ونشرها من أفراد دون تبليغ الجهات المختصة «فقط صوّر وانشر»، وبالتالي قد يقوم العامل مرتكب المخالفة بإخفائها أو الهروب دون محاسبة. عليه يجدر بنا الإشارة إلى أهمية قيام الجهات المختصة بدورها في هذا الجانب الهام، بل ويجب عليها أن توعي الناس وتثقفهم بما ينبغي عليهم عمله عند اكتشافهم أي مخالفات، وتزودهم بأرقامها وخطوطها التي يجب أن تكون عريضة وساخنة على مدار الساعة، كذلك يلزمها التجاوب السريع مع المبلغين في أي لحظة، بل عليها أيضاً بعد مباشرة الموقف شكر المبلغين وسترهم لتشجيع الناس على حماية الوطن وحفظه والإبلاغ عن أي مخالفة دون تردد، لتعم ثقافة «وطني أولاً .. نعم للتبليغ لا للتشهير».