أصبح انتشار وسهولة التصوير اليوم دون ضوابط وقيود أمرا يلقي بالكثير من الناس تحت طائلة المسؤولية الجنائية، وذلك حينما يتعدى الأمر خصوصية المكان والإنسان، بالتقاط صور أو مقاطع فيديو لبعض الناس أثناء أداء أعمالهم، أو نشر مخالفات يعاقب عليها القانون، فيما أن بعض المقاطع تشير إلى مخالفات يقوم بها أشخاص وكانت دليلا للجهات ذات العلاقة بالتحري عن المخالفات. ولم يعد الانتشار في وسائل التواصل الاجتماعي مستغرباً، حيث تسارعت الثورة العنكبوتية بتعدي جميع الحدود الجغرافية المكانية والزمانية، ببث مقاطع لأشخاص في مواقف غير قابلة للنشر، بل قد تنهي حياة المتضرر اجتماعيا أو نفسيا إلى الأبد. ولمعرفة الأمور الضابطة لهذا الموضوع، طرحت "اليوم" هذه القضية على رجال القانون؛ لأخذ رأيهم القانوني، فأجمعوا على أن تصوير الآخرين دون استئذان جريمة يُعاقب عليها مرتكبوها، ومراعاة أن تكون الصورة في حدود المنطق والعقل وأن لا تخرج عن الذوق العام، بمعنى ألا تظهر فيها إشارة أو حركة تخل بالآداب العامة، أو تحرج صاحبها بأي شكل. جريمة معلوماتية وقال المحامي والمستشار القانوني جاسم محمد العطية: إن التصوير في الأماكن العامة مسموح به ولا يوجد ما يمنع ذلك، ولكن من يخالف ويخرج عن القوانين العامة ويدخل في الخصوص الشخصي ويتعمد إيذاء الآخرين فإن المنطق أن تتوجب عليه جريمة معلوماتية يعاقب عليها من ناحية القانون، ولا يحق له نشر ما صوره في مواقع التواصل الاجتماعي قبل ان يأخذ إذنا من الشخص الذي صوره، وإذا كان في التصوير مخالفة للتعليمات والأنظمة فيجب عليه أن يخاطب الجهة المسؤولة عن المخالفة. وأضاف: "ينقسم التصوير إلى قسمين، ما بين الضرر العام أو المنفعة العامة، ويمكن أن يكون دليلا وبرهانا للجهات ذات العلاقة وتستطيع الجهة ذات العلاقة مقاضاة الشخص المخالف أو الجهة المخالفة". وأشار إلى أنه لا يجوز أن يتجاوز الأمر الأسوار والأماكن الممنوعة حتى يقوم بعملية التصوير، فهذا انتهاك للخصوصية ويحرمه القانون العام، مبينا أن المخالفة تكون على الشخصين، سواء المخالف الذي عمل بمخالفة النظام والتعليمات، ومخالفة أخرى على من يقوم بتصوير المخالفة دون الرجوع للجهات ذات العلاقة بالمخالفة. ووجه العطية رسالته للمواطنين بأن لا يخرج التصوير عن الذوق العام وألا يسيء استخدام التصوير بطرق مخالفة تترتب عليها جريمة تحت نظام الجرائم المعلوماتية. سلاح ذو حدين وأكد المحامي والمستشار القانوني حمود فرحان الخالدي انتشار مقاطع فيديو في الآونة الأخيرة بالجوالات الذكية بين الناس، وترصد هذه الفيديوهات العديد من التجاوزات التي يقوم بها بعض الأشخاص، منوها إلى أن مثل هذه المقاطع سلاح ذو حدين، فبالرغم من إيجابياتها في الحد من وقوع العديد من المخالفات والجرائم، كجرائم السرقة والتحرش وغيرها من الجرائم خشية تصوير أحد المارة للجناة، إلا أن من الممكن استخدام هذه الفيديوهات بطريقة سلبية للتشهير بالشخص المخالف، خاصة إذا كانت المخالفة لا ترقى إلى أن تكون جسيمة.وقد نوه الخالدي إلى انه يجب التعامل مع الشخص القائم بالتصوير وفقاً للنتائج المترتبة على تصويره، فعندما نجد أن المصور قد قام بتصوير مخالفة معينة، فما يكون من المصور إلا أن يبدأ في ابتزاز الشخص الذي قام بالمخالفة سواء ابتزازا ماديا أو نفسيا أو غير ذلك من أنواع الابتزاز، فبذلك يكون الشخص قد خالف نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية المعمول به في المملكة العربية السعودية والذي اشتمل على (16) مادة استهلهم بتعريف الجريمة المعلوماتية ثم الهدف من النظام ثم بعد ذلك سرد العقوبات المقررة للجرائم المعلوماتية، حيث حدد لكل جريمة عقوبة معينة بداية بالسجن مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال أو بإحدى العقوبتين، وانتهاء بعقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنوات وغرامة لا تزيد على خمسة ملايين ريال أو بإحدى العقوبتين.وختم الخالدي حديثه: إن تصوير مخالفة أو جريمة والتوجه بها للأجهزة المعنية وتقديم بلاغ بما حدث، وتزويدها بالشريط المصور يضع الخطوط العريضة للمحققين، ويعد إنجازاً للوقت وتحقيقاً للعدالة السريعة، فالمصلحة العامة تتقدم على المصلحة الخاصة.