في لحظات انتصارنا تراودنا فكرة أن "الحياة مجرد حيطة واحنا اللي بنكتب عليها"، نحن من نختار ظلمتها ونورها، نختار انقسامها واستبدادها، نختار فقرها وإنعدامها، في لحظات انتصارنا نهمش أوجاع غيرنا فلا نرى إلا نور إنجازاتنا وعظمتها وهيمنتها، حتى أصبحنا دُمى تحركنا الحياة كيفما شاءت فإن ساءت الأحوال وساد غضبنا أشبعتنا الحياة وأعمتنا حتى نكاد نختق من تخمتنا ثم تسحب البساط من تحت قدمينا لنسقط في قاع الحياة السوداء، ثم نعيش على أمل ضوء لو من بعيد، هذه هي الحياة فهي ليست مجرد حيطة، بل هي سورٌ عظيم تذوب أقلامنا قبل أن نشرُع في الكتابة عليه. لكن الحياة ليست خطة واحدة فقط، بل هي خُطط كثيرة أيما أخترت أن تسلك تأكد بأن هذا الطريق الذي تسلكه ليس من اختراعك، بل هو رُسم لك حُقق من أجلك والصعاب التي ستواجهها إنما هي مجرد صخور كي تُعد نفسك للنهاية المُظلمة. الحقيقة أن الحياة لم تُعميني ولم تُخبي لي كسرة خُبز كيّ تُشبعني، ورغم ذلك مازلتُ في أسفل القاع كُل يوم أُسقط صخرة وأتسلق عشرًا.. وصولي لمنتصف هذه الفوهة هو انتصار بلا شك، ولكنه انتصارًا شقيًا لا يقابله عظمّة ولا حتى شعورًا بالرضا، بل هو خوفًا من الإستسلام، رهبة من الموت في الأسفل بلا صوت ولا صدى. الحياة مجموعة من الطرق التي تحمل لك نهاية واحدة، ولكنها ستكون حربًا ممتلئة ثقيلة وأحيانًا في المنتصف ستمر عليك بردًا وسلامًا، اعتراضك وسخطك وإنهزاميتك لن تُحقق لك شيء فالنهاية واحدة والطُرق كثيرة واستسلامك أحدها.