في الوقت الذي توشك فيه القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني الليبي المدعومة والمعترف بها دوليا، من محاصرة آخر معاقل للدواعش في البلاد داخل مدينة سرت الساحلية، والتي أسفرت آخر المواجهات عن مقتل نحو 14 عنصرا من قوات الوفاق، فيما بلغت الحصيلة الكاملة منذ انطلاق عملية "البنيان المرصوص" في ال12 من مايو الماضي لملاحقة فلول التنظيم، مقتل أكثر من 550 قتيلا، وإصابة 3 آلاف جريح بين القوات الموالية للحكومة، صعدت حكومة الإنقاذ الوطني السابقة برئاسة خليفة الغويل، من خلافاتها مع حكومة الوفاق، وذلك بالسيطرة على مقار مجلس الدولة بالعاصمة طرابلس، في خطوة يراها مراقبون أنها تزيد من تعقيد المشهد الليبي، وما يعانيه من انقسامات داخل الفرقاء السياسيين، مشيرين إلى أن هذه الخطوة لا تهدد ليبيا فقط، وإنما تطال تهديد دول الجوار وأمن البحر المتوسط وتمتد إلى القارة الأوروبية. خطر دولي كانت حكومة الغويل المنتمية لجماعة الإخوان، قد انقلبت على انتخابات عام 2014، التي خسرها الإخوان وحلفاؤهم من القوى المتطرفة والمتشددة، بينما سيطرت الجماعة بقوة السلاح على العاصمة الليبية طرابلس، الأمر الذي دفع البرلمان المنتخب إلى الانتقال إلى مدينة طبرق. ويقضي اتفاق الصخيرات بحصول المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني على موافقة مجلس النواب الشرعي حتى تصبح شرعية، وهو ما لم يحدث حتى الآن. وفي المقابل، تقع طرابلس تحت سيطرة عدد من الكتائب المسلحة، بعضها موال لحكومة الوفاق الوطني، والآخر موال لحكومة الغويل، وهو ما يشكل خطرا إقليميا ودوليا وتهديدا لأمن المتوسط، في حال استمر الانقسام بين الفصائل المسلحة، في حين تعارض فصائل شرقية بقيادة المشير خليفة حفتر حكومة طرابلس أيضا، وخاضت صراعا ضد منافسيها للسيطرة على طرابلس عام 2014. اختفاء الحلول في ظل الانقسام المسلح الكبير، الذي تعاني منه البلاد بين الفصائل العسكرية والسياسية، يؤكد مراقبون أن الأزمة الليبية في طريقها إلى الانسداد خصوصا بعد خطوة الغويل التي زادت من قتامة المشهد، في حين يرى محللون آخرون أن المجتمع الدولي لا يريد إنهاء الاقتتال الدائر في البلاد، بسبب مصالح سياسية وحزبية، الأمر الذي حذرت منه عدة جهات دولية، وأكدت أن الحرب الدائرة في ليبيا تهدد بعودة سيناريو الصومال، وهو ما يمكن أن يشكل تهديدا للمنطقة برمتها، التي تحاول دول أوروبا السيطرة على التهديدات الأمنية التي تراودها بين فترة وأخرى، بداية من المهاجرين غير الشرعيين، ومرورا بالهجمات الإرهابية التي جدت داخل مجتمعاتها، وانتهاء بتوقف تصدير النفط بشكل رسمي ومقنن إليها.