منذ ما يزيد على خمسة أعوام، انطلق العمل المؤسسي التطوعي بالمكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بمنطقة الباحة قائما على تبرعات المحسنين، حيث شهدت الفترة الماضية تنافس أهالي المحافظات والمراكز التابعة لها على افتتاح المكاتب، حتى أضحت تغطي جميع أجزاء المنطقة بلا استثناء، ووصل عددها إلى 25 مكتبا, تعمل وفق خطة استراتيجية أصدرتها وزارة الشؤون الإسلامية، تضمنت الكثير من القواعد واللوائح المنظمة للعمل. وكان ثمار هذا العمل إسلام آلاف الوافدين من النساء والرجال وإشغال وقت فراغ الشباب والفتيات وترسيخ الوسطية والاعتدال ومحاربة الأفكار المنحرفة والآراء الهدامة والتصدي لأي ظاهرة تستهدف الإساءة إلى الدين الإسلامي أو النيل من المجتمع واستقراره وأمنه وطمأنينته أو النيل من مقدراته وثرواته الوطنية. ولهذه الأسباب وغيرها، دعا عدد من القائمين والمشرفين على المكاتب التعاونية وزارة الشؤون الإسلامية إلى تخصيص مورد مستقل لها ، والاستفادة من ريع الأوقاف المسجلة لدى فرع الوزارة بالمنطقة أو تسليمها للمكاتب لإنشاء أوقاف خاصة بها، وتبني رواتب الدعاة والسائقين وبعض الموظفين، ومنح أراضٍ من قِبل وزارة الشؤون البلدية والقروية ليبنى عليها مقر للمكتب، يضم كافة المرافق الإدارية والقاعات لإقامة البرامج، أو بناء وقف يعود ريعه للمكتب. وفي هذا السياق، يقول مدير المكتب التعاوني بالباحة علي بن ملحة، إن المكتب تم تأسيسه في 1427 وهو مستقل ولا يتبع له أي مكتب تعاوني بالباحة وكل المكاتب مستقلة تراجع فرع الوزارة، مشيراً إلى أن طموحهم هو إكمال تجهيز الفصول التعليمية الخاصة بتوعية وتدريس الجاليات، وتوفير عدد من المترجمين في جميع اللغات، مؤكداً أن هناك صعوبة في إيجاد الدعاة المؤهلين في هذا الجانب. ولفت إلى أن هناك تنسيقا مع جامعة الباحة حول تأهيل الداعيات من نساء المنطقة. ويرى مدير المكتب التعاوني عبدالعزيز الزهراني، أن عدم وجود مخصصات مالية من قبل وزارة الشؤون الإسلامية يبعث الخوف والقلق في نفوس المتطوعين والمحتسبين العاملين بهذه المكاتب، مطالباً الوزارة بسرعة التحرك في هذا الجانب والعمل على الاستفادة من الأوقاف بالمنطقة وتسهيل الحصول عليها والإجراءات الخاصة باستثمارها، أو بناء وقف يعود ريعه للمكتب، حيث نجد ذلك في جمعيات البر وتحفيظ القرآن ودور الأيتام وغيرها من المؤسسات الحكومية الأخرى، وعدم البطء في إعطاء الفسوحات للمحاضرات والموافقة عليها والتنسيق بين وزارة الشؤون الإسلامية ووزارة العمل لإصدار التأشيرات حسب حاجة المكاتب من دعاة ومترجمين بلغات مختلفة، مشيراً إلى حاجة المكتب لسيارة للجولات الدعوية وحافلة لرحالات الحج والعمرة، وتأمين مصاريف وسكن ورواتب الدعاة وتأمين ودعم مقر نسائي دائم. إلى ذلك.. طالب مدير مكتب دوس بمحافظة المندق جمعان صالح الزهراني بالمشاركة في تجهيز المبني الجديد للمكتب الذي كلف أكثر من مليون ريال على نفقة أهل الخير، مشيراً إلى أنه تبقى للمقاول 210 آلاف ريال، وتوفير "حافلة" وآلة تسجيل نسخ للأشرطة المفسوحة وشراء الكتب والحقائب الدعوية ودعم الملتقيات الصيفية والمساهمة في كفالة الدعاة والمترجمين العاملين في المكاتب التعاونية التي تتكفل بدفع رواتبهم الشهرية وبدل السكن وتسليمهم الأوقاف الاستثمارية، مشدداً على الحاجة الماسة لفتح القسم النسائي. بدوره.. أكد مدير المكتب التعاوني بمحافظة قلوة علي موسى أنه تم إيصال هذه المعوقات إلى الوزارة من خلال الملتقيات التي تنظمها، مشيراً إلى أن العمل الدعوي يحتاج إلى تطوير خاصة مع قلة المراكز الدعوية والنمو السكاني. أما مدير المكتب التعاوني بمحافظة العقيق على عوضه مديس فقد أوضح أن قلة الدعم المادي للمكاتب التعاونية وعدم وجود أوقاف استثمارية وقلة الدعاة المترجمين وخصوصاً في اللغة الصينية والسيارات الدعوية والجوال الدعوي والمصلى المتنقل ومراسلة المسلمين بالإنترنت تقف عائقاً كبيراً أمام العديد من الأهداف وتنفيذ البرامج الدعوية وفي مقدمتها بناء مقر متكامل ووقف خاص للمكتب. من جانبهن.. أكدن الداعيات أن المرأة بحاجة لداعية من جنسها، لأن المرأة أدرى بحاجة المرأة في جميع النواحي. وعن دور الوزارة وماذا قدمت للداعية في الباحة، أوضحنَ أنها لم تقم بالدور المطلوب منها كما يجب، وما يقدم لهن مجرد اجتهادات فردية من بعض الأفراد، مطالبين بإيجاد أقسام نسائية مستقلة. من جهته، أكد مدير عام فرع الوزارة بالباحة المهندس ناصر بن مسفر بدران أن فكرة الاستفادة من الأوقاف بالمنطقة فكرة رائدة، مشيراً إلى أنه ينطلق في تنمية أعيان الأوقاف وصرفها في مصارفها الشرعية حسب شروط الوقف حيث بلغ عددها بالمنطقة بعد عملية الحصر وعمل الرفع المساحي لها من خلال برنامج العناية بالأوقاف 1928 وقفاً من إجمالي عدد الأوقاف التابعة للفرع وعددها 2840 وقفاً. ودعا بدران الموسرين والملاك إلى تخصيص بعض أملاكهم وإيقافها لدعم المكاتب التعاونية حتى تبقى صدقة جارية يستمر ثوابها. وتوقع أنه ستكون هناك أوقاف جديدة، يكون شرط وقفها المساهمة في دعم البرامج الدعوية، لافتاً إلى أن افتتاح 25 مكتباً تعاونياً ليس بالأمر السهل نظرا لما تحتاج إليه من كوادر بشرية وتقنيات وتجهيزات مكتبية يقوم على إدارتها طلبة علم مشهود لهم بالفضل والاتزان والرؤية وبعد النظر. وعلى ذات الصعيد، لم يخف مدير الدعوة بفرع وزارة الشؤون الإسلامية بالباحة الشيخ حسن جمعان الزهراني قلقه من تعرض بعض المكاتب التعاونية للإغلاق في حالة شح الموارد المالية، مشيراً إلى أنه لا يوجد بالمنطقة إلا داعية واحد رسمي برغم مساحة المنطقة الشاسعة وتضاريس طبيعتها الصعبة والمناطق النائية، إضافة إلى سيارة واحدة فقط في الوقت الذي يوجد بالمنطقة 320 مسجداً منها 612 جامعاً وبعض هذه الجوامع لا يوجد بها خطباء رسميون، وتعتمد على الدعاة المحتسبين.