يزيد الزهراني ما أثارني لكتابة هذا النص، هو مقطع ظهر مؤخرا يتحدث عن مشاهير التواصل الاجتماعي، وكيف أصبحوا رموزا في المجتمع! ومدى فداحة ظهور هؤلاء، كشخصيات مؤثرة، وناجحة أمام الناس في حين أن القيم التي يقدمونها فعليا، هي صفر مطلق! أو لنقل: البعض من السخرية، والحماقة، الاستهزاء بالآخرين ونحو ذلك! من الأشياء الوضيعة، التي قاموا بها، وصعدت بهم مكانا عليا! فقط، لأنهم استطاعوا إضحاك الملايين.. عن الطريق السخافة طبعا. في الحقيقة، بلغة اليوم، وحديث هذا العصر.. هم حققوا نجاحا باهرا في الوصول إلى القمة، أصبحوا مشاهير يشار إليهم بالبنان، والبعض منهم أصبح من الأرقام الصعبة ماليا! ولكن، هل هذا ما نحتاجه في هذا الزمن؟.. هل هؤلاء هم من نرغب لأطفالنا، أن يقتدوا بهم، ويحذوا حذوهم؟! وإن كانوا كذلك، فما هي القيم التي يقدمها مثل هؤلاء للجيل الناشئ؟ في السابق، كان الطبيب يظهر بإنسانيته، والعالم بعلمه، المفكر بفكره، والرياضي بلياقته! ويتشرب الصغار منهم قيما متعددة تدور حول العلم، والصحة، الثقافة والفكر، والكثير من الأخلاقيات الحميدة. وهذا هو ما نفتقده في هذا الوقت الراهن! القيم النافعة والبناءة والمثمرة، والتي نستطيع بها مستقبلا صناعة جيل مبدع، مبتكر، يدرك فعليا قيمة ما يملك. وتظل هذه القيم إرثا خالدا لأجيال قادمة! الكل الآن، يلتفت ويبحث عن النجومية.. وكيف الطريق نحو الشهرة، التي تجلب المال، والثناء، والسمعة وربما المنصب أحيانا، وباتت الحماقة هي أقصر الطرق نحو (روما) التواصل الاجتماعي! ونجوميتها البائدة بسرعة! والحقيقة أن كل ما حققه هؤلاء أشبه ما يكون بفقاعة الصابون الضخمة في الحجم، الخاوية من الداخل، هشة ورقيقة البنيان، مهما طال بها الأمد، ستنفجر نهاية، وكأن شيئا لم يكن، وقد رأينا كثيرا من هؤلاء النجوم، حين سقطوا سقوطا مدويا وحين خرجوا للعيان، كأوعية فارغة، لا تحمل بداخلها، أبسط أبجديات الثقافة والعلم! هناك قاعدة نصت على أن الأشياء التي تأتي بسرعة، تذهب بسرعة أيضا! وكذلك هي نجومية هؤلاء وأمثالهم. أما من صنعهم نجوما، ونصبهم رموزا وأعيانا.. يمثلون قيمنا، ومجتمعاتنا، وثقافتنا.. فهي تلك الأيادي الباحثة عن المال، بأي طريقة كانت، دون مراعاة لأي شيء آخر، ونحن أيضا أخطأنا، حين منحناهم الحجم الذي لا يستحقونه والدعم الذي ليسوا بأهل له، هم أتوا بالحماقة نارا تلظى، ونحن كنا هشيما لهم، فنهضوا بنا. وعليهم وعلينا، أن نعلم أننا نحن من صنعناهم، ونحن القادرون على إخضاعهم لما نريد وما نحتاج من القيم النبيلة، أو أن نجعل منهم، ذكرى سيئة، للعظة والعبرة، حين لا يجدون أحدا يلتفت لحماقاتهم. الاستثناء موجود في كل شيء بطبيعة الحال، وليس كل ما أتوا به هو الحماقة، فمنهم من وصل إلى نجوميته، باستحقاق كبير، وبقيمٍ رفيعة، لكن الغالب الأعم، هي نجومية السخافة والكوميديا الساخرة!. قبل أن نفكر بالنجوم، وصناعتهم حريٌ بنا، أن نبحث عن القيم السامية، وصناعتها، ثم بعد ذلك، نصنع نجومنا، من خلال هذه القيم لتكون رسالتهم في القيمة هي الغاية، ونجوميتهم مجرد وسيلة!