للروس تحديدا دون غيرهم من خارطة ضيوف الرحمن، مسارات ملفتة مع كل موسم يؤدون فيه فريضة الحج، فتجدهم -بلا منازع- يتصدرون مشهد "حكايات حجهم لبيت الله الحرام"، حينما كانوا قابعين تحت ما يسمى ب"اتحاد الجمهوريات السوفييتية الاشتراكية"، ذات المنحى الدستوري الشيوعي، والتي استمر بنيانها قرابة سبعة عقود، إلى أن تفكك في بداية تسعينات القرن الماضي الميلادي "1991". محاربة الحج فبحسب موقع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الإلكتروني، كانت علاقة النظام السياسي الشيوعي الذي تأسس اتحاده عام 1922، مع عموم الشعائر الدينية، وشعيرة حج بيت الله الحرام، "معقدة للغاية وإلى أبعد الحدود"، فقبل احتلال الدول الإسلامية كان عدد الحجاج من هذه المناطق يصل سنويا إلى 35 ألفا. أما في حكم السوفييت فلم يتجاوزوا 20 حاجا أو أكثر بقليل، وفي سنوات لا يصل أي حاج على الإطلاق بسبب الطبيعة الإلحادية للنظام في التعامل مع المسلمين. ولم يكتف النظام بذلك، بل إن سلطاته أصدرت أمرا بمنع ذبح الأضاحي، ولو كانت ملكا خاصا بحجة الأضرار الاقتصادية، لذا يشير قنصل روسيا الاتحادية بهاء الدين علييف، في لقاء حضرته "الوطن" أول من أمس في مؤسسة مطوفي حجاج تركيا ومسلمي أوروبا وأميركا وأستراليا، إلى أن عدد المسلمين في الاتحاد السوفيتي وصل إلى 77 مليون نسمة، إلا أن عدد من كان يؤدون فريضة الحج لم يتجاوز 40 شخصا في أغلب التقديرات الرسمية. التغيرات الكبيرة التغيرات الكبيرة التي أعادت لهذه الفريضة حيويتها من جديد، بدأت منذ انهيار الاتحاد السوفييتي تحديدا في 1991، وهنا يؤكد علييف أن الحج بمفهومه الجديد بدأ من ذلك التاريخ من القرن الماضي، وتأسيس ما يسمى بروسيا الاتحادية، حيث يؤدي هذه الفريضة حاليا قرابة 16 ألف حاج روسي. وعلاقة أفواج الحجيج مع هذه الشعيرة انطلقت – وفقا لعلييف- قبل 400 عام تقريبا، وكان النصيب الأكبر ينطلقون عبر الرحلات البرية، وهي ميزة تفضيلية لدى الحجاج الروس عن غيرهم من الحجيج، إلا أن الأزمة السورية التي انطلقت شرارتها الشعبية ضد نظام الأسد منذ مارس 2011 أنهت تلك الأفضلية، وأضحى النقل الجوي هو الأساس في وصول الحجيج.