فيما تشهد الحرب على داعش تقدما ملحوظا في سرت، تعمل الدول الغربية على صيانة مصالحها في ليبيا على غرار أميركا وفرنسا وبريطانيا وأيضا إيطاليا، حيث أكد وزير خارجية الأخيرة باولو جنتيلوني في تصريحات صحفية أن بلاده مستعدة للنظر جديا في أي طلب رسمي تقدمه حكومة الوفاق الوطني لمساعدتها في إنشاء قوات أمنية نظامية. ويرى مراقبون أن إيطاليا تخشى بشكل واضح من مخاطر تهميشها في ليبيا وتراجع مصالحها النفطية من جهة وتداعيات تحرير سرت على توجه محتمل لعناصر من تنظيم داعش إلى أراضيها وإلى الدول الأخرى المجاورة. وتشعر إيطاليا بعزلة في إدارة الشأن الليبي بسبب انفراد واشنطن بقيادة المعركة ضد داعش في سرت، ونظرا للمنافسة القائمة بينها وبين فرنسا بشكل مفتوح حاليا، لم تصدر أي ردود فعل أوروبية حتى الآن على الدعوة الإيطالية بالتدخل. هذا وترتكز السياسة الإيطالية في ليبيا على ثلاث نقاط، أهمها دعم حكومة الوفاق الوطني، برئاسة فائز السراج، ومساعدة الفصائل الليبية في التوصل إلى توافق، والحفاظ على موقف دولي موحد بشأن التوصل إلى تسوية للأزمة الليبية. وأضاف جنتيلوني "سندرس جديا أي طلبات ليبية محتملة لمساعدتها في إنشاء القوات الأمنية، وبدءا من الحرس الرئاسي، يمكننا التحرك نحو تشكيل قوات نظامية وشرطية وجيش" مؤكدا أن إدماج المجموعات المسلحة في وجود عسكري نظامي مهمة "حيوية لكنها صعبة". وقال وزير الخارجية الإيطالي إن المساهمة في بسط الاستقرار في ليبيا تعتبر مسألة تهم المصلحة الوطنية لروما، إلى جانب العمل على تجنب تهميش الدور الإيطالي على ضوء المشاركة العسكرية الأميركية والبريطانية المباشرة في عملية تحرير سرت، والحفاظ على المصالح الإيطالية، خاصة مصالح مؤسسة إيني للطاقة ومساعدة السلطات الليبية في إدارة إشكالية الهجرة غير الشرعية. سماح باستخدام القواعد أوضح جنتيلوني أن بلاده لا تنفذ أي عمليات قتالية في ليبيا، وأن دورها مقتصر على السماح للولايات المتحدة باستخدام قواعدها الجوية في تنفيذ ضربات جوية ضد تنظيم داعش، وأن الأولوية بالنسبة لإيطاليا هي تحقيق الاستقرار في ليبيا. ودعا رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الإيطالي بيير فرديناندو كاسيني الاتحاد الأوروبي بعقد قمة استثنائية مكرسة لمعاينة الموقف في ليبيا بأسرع وقت ممكن، قبل القمة الأوروبية المقبلة المبرمجة يوم 16 سبتمبر في براتيسلافا لبحث مواضيع روسيا وتركيا والهجرة. وأكّد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الإيطالي "يجب على أوروبا ألا تستمر في التصرف بمثل هذه الفوضى في ليبيا، ونطالب الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني بالدعوة إلى قمة أوروبية لتحديد سياسة مشتركة، لا يمكن أن تذهب فرنسا في اتجاه وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية في اتجاه آخر". دعم الدور الأميركي أعلنت وزيرة الدفاع الإيطالية روبيرتا بينوتّي خلال جلسة استجواب في مجلس النواب حول قصف المقاتلات الأميركية لمواقع داعش في ليبيا، أن بلادها على استعداد لتوفير القواعد العسكرية والأجواء للحرب ضد تنظيم داعش في الأراضي الليبية. وقالت "الحكومة الإيطالية تبقي مسار الحوار المباشر والمتواصل سواء مع الطرف الليبي أو مع الحلفاء الأميركيين للاطلاع على ما يجري، ولمعرفة تطوّرات العمليّات ونتائجها والتأكد من ضرورات الدعم غير المباشر، وهي مستعدة لأن تأخذ في الاعتبار توفير القواعد العسكرية على أراضيها وإفساح الأجواء أمام الطائرات الأميركية، إذا كان ذلك ضروريا لحسم سريع وفاعل لأهداف العمليات". وأكدت بينوتي أن "إيطاليا لم تشترك بعد في التدخل الأميركي الذي يجري وفق ما تضمنته قرارات الأممالمتحدة التي نصت على عدم استخدام القوات الأرضية، بل الإسهام في دعم القوات الليبية لإلحاق الهزيمة بقوات تنظيم داعش". كما أعربت إيطاليا عن استعدادها للسماح للولايات المتحدة باستخدام قواعدها ومجالها الجوى لشن ضربات في ليبيا ضد تنظيم داعش الإرهابي، إذا ما تقدمت واشنطن بطلب في هذا الخصوص.