الحوادث المرورية تمكنت من استنفاد ثروة الوطن على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والبشري، لا سيما الشباب منهم، كما أن المملكة تعثرت في إيجاد الحلول منذ عشرات الأعوام حتى إنها تكبدت من هذه الآفة إصابة أكثر من 36 ألف شخص لعام 2016 و8063 حالة وفاة، أي قرابة 100 إصابة يوميا، و22 حالة وفاة في اليوم الواحد، وأكثر من ألفين حالة إعاقة مستديمة لأعمار تفاوتت من 16 إلى 40 عاما، والخسائر مادية فاقت 87.07 مليار ريال. هذه الأرقام لم تكن حصيلة حرب خاضتها المملكة خلال الأعوام السابقة، ولا مرضا خطيرا تفشى وانتشر بين الناس، وإنما أرقام لحوادث مرورية داخل السعودية. وذلك عبر تقارير حديثة للإدارة العامة للمرور. حينما شرعت في التحقيق وجدت أن ثمة مسببات أدت إلى تزايد هذه الأرقام ألا وهي القيادة بسرعة عالية، إذ إن نسبة 60% من الحوادث كانت خارج المدن، وهذا مؤشر بأن قيادة المركبات بسرعة عالية يعد سببا مركزيا وجوهريا أيضا. البعض يلقي اللوم على تدني جودة أنظمة المرور وقلة اكتراثهم لما يحدث، والكثير في حالة استهجان وعدم الرضا على هشاشة الطرق وضيق مساراتها، والبعض الآخر يلقي الأسباب على خدمات المستشفيات وتلاشي الكوادر الطبية ذات الكفاءات العالية. والكثير يلقي اللوم على قلة الإرشاد وتوعية المواطن، وكلها مجازة ومحتملة، إلا أننا بالفعل نشهد افتقارا توعويا وإرشاديا لكيفية القيادة بدون أضرار لا سمح الله. الحلول الإلكترونية المستخدمة من قبل المرور لم تكن شافيه لهذا الداء، فمركبات ساهر وكاميراته المتنقلة والثابتة لا جدوى لها في تبوك على سبيل المثال، وإنما زادت من تفاقم المشكلة.