أثار إعلان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، شفيق صرصار، أن الدولة لن تتكفل بتمويل اللوائح المستقلة، مخاوف القوى التونسية من أن يحسم المال السياسي تركيبة أعضاء المجالس البلدية لمصلحة الأحزاب القوية في البلاد. وبينما يستعد التونسيون للانتخابات البلدية المنتظر تنظيمها في مارس المقبل، وضعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، خارطة طريق لإنجازها، وعرضتها على ممثلي الأحزاب السياسية. وفي الإطار ذاته، أعلنت رئاسة الحكومة إدخال تعديلات على القانون الانتخابي، وصفتها قوى سياسية ومدنية بالخطيرة، باعتبارها تحافظ على طريقة اقتراع تمكن رئيس القائمة الحاصلة على أكبر الأصوات، من رئاسة المجلس البلدي آليا. وأثارت هذه التعديلات جدلا واسعا، إذ اتهمت بعض قوى المجتمع المدني في تونس كلا من حزبي نداء تونس وحركة النهضة، بسعيهما إلى بسط هيمنتهما على الانتخابات البلدية، في إشارة إلى أن تسوية سياسية جرت في الكواليس بين الحزبين وحسمت النتائج سلفا. نتائج محسومة اتهم سياسيون ومنظمات مدنية الائتلاف الحاكم في تونس المؤلف من حركتي نداء تونس والنهضة، بتطويع قانون الانتخابات على مقاسه، مشيرين إلى أن الانتخابات البلدية حسم أمرها مسبقا نتيجة التعديلات الأخيرة التي اقترحتها الأحزاب الحاكمة على القانون المذكور. من جهتها، أوضحت "شبكة مراقبون" التونسية أن قانون الانتخابات يتلاءم مع مصلحة الأحزاب الكبرى، مشيرة إلى أن تسليح رئيس البلدية بصلاحيات شبه مطلقة، لن يقود إلا إلى الرضوخ للحساسيات بين الأحزاب. في السياق ذاته، قال رئيس جمعية "عتيد"، معز بوراوي، في تصريحات صحفية، إن الانتخابات حسمت حزبيا، لافتا إلى أن الخطر يكمن في طغيان اللعبة السياسية الحزبية على أول تجربة لتركيز مجالس بلدية تضطلع بالحكم المحلي. وعلى الصعيد نفسه، أكدت الهيئة السياسية ل"حراك تونس الإرادة" برئاسة الرئيس السابق المنصف المرزوقي، أن الوضع الحالي ومشاريع القوانين المقترحة لا يوفران كل الضمانات لإنجاز انتخابات حرة ونزيهة في إطار تطبيق المبادئ الكبرى الواردة في الباب السابع من الدستور. وأكد الحزب تمسكه بضرورة توفير كل الشروط والضمانات حتى تكون انتخابات 26 مارس 2017 على درجة كبيرة من النزاهة وخالية من العيوب التي يمكن أن تقدح في مسارها وتشكك في نتائجها. خلافات برلمانية بدأ البرلمان التونسي خلال الأسبوع الماضي مناقشة مشروع قانون تنظيم الانتخابات البلدية المقرر إجراؤها في 26 مارس 2017، وهي الأولى من نوعها التي ستجرى عقب ثورة 14 يناير 2011. وأثارت المناقشة انقسامات داخل مجلس النواب، بشأن نظام الاقتراع الذي سيقع اعتماده في الانتخابات البلدية، ونظام تمويل الحملات الانتخابية ومراقبتها، ومشاركة المرأة والشباب وذوي الإعاقة، ومشاركة العسكريين في عملية الانتخاب. وإذا بقيت هذه المسائل محل خلاف فإن الجلسات العامة ستحسم أمرها عبر التصويت إما بالقبول أو الرفض، وفقا لمصادر برلمانية. يذكر إلى أن مشروع القانون المتعلق بالانتخابات البلدية يضم 58 بندا متعلقة بتعديلات لمشروع القانون الأساسي للانتخاب لسنة 2014.