غداة يوم انتخابي طويل، أعلنت كل من حملة الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي وحملة مرشح حزب «نداء تونس» الباجي قائد السبسي مرورهما إلى الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية التونسية التي ستُجرى في نهاية الشهر المقبل، فيما أشادت فيه بعثات المراقبة الدولية ب «نزاهة وشفافية» أول انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ البلاد. ورغم تمسك كل مرشح بإعلان تقدمه على منافسه في الدورة الأولى، إلا أن كل المؤشرات تشير الى أن المرزوقي وقائد السبسي سيخوضان دورة ثانية للحسم. وقال مدير حملة المرزوقي الانتخابية عدنان منصر، في مؤتمر صحافي ليل الأحد- الإثنين، إن «الرئيس المنتهية ولايته يتقدم على منافسه الباجي قائد السبسي ب3 أو 4 نقاط». في المقابل، شدد مدير حملة السبسي محسن مرزوق، في تصريح إلى «الحياة»، على أن مرشح «نداء تونس» (الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية) «تقدم على منافسيه بفارق مريح، لكنه سيضطر إلى مواجهة المرزوقي في الدور الثاني» وفق قوله. ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الرسمية اليوم، في حين تشير كل استطلاعات الرأي إلى تقدم السبسي بنسبة تتجاوز 40 في المئة في مقابل حصول المرزوقي على نسبة تتجاوز 30 في المئة. وينصّ قانون الانتخابات على أنه في حال عدم حصول أي من المرشحين على «الغالبية المطلقة» من أصوات الناخبين أي 50 في المئة زائد واحد، تجرى دورة انتخابية ثانية في مهلة أقصاها 31 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، يشارك فيها فقط المرشحان الحائزان على المرتبة الأولى والثانية في الدورة الأولى. «مرشح السلفيين الجهاديين» من جهة أخرى، اتهم السبسي خصمه الرئيسي المرزوقي، بأنه مرشح الإسلاميين و «السلفيين الجهاديين». وقال السبسي (87 سنة) أمس في تصريح لإذاعة «إر إم سي» الفرنسية: «مَن صوتوا للمرزوقي هم الإسلاميون الذين رتبوا ليكونوا معه، يعني كوادر (حركة) النهضة والسلفيون الجهاديون ورابطات حماية الثورة، وكلها جهات عنيفة». وتُحسَب رابطات حماية الثورة على الإسلاميين، وكان القضاء التونسي حلّها في أيار (مايو) الماضي لضلوعها في أعمال عنف استهدفت اجتماعات ونشطاء أحزاب معارضة علمانية. وتوقع السبسي أن تونس ستنقسم خلال الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية إلى «شقين: الإسلاميين من ناحية وكل الديموقراطيين وغير الإسلاميين من ناحية أخرى». «دعوة لمناظرة» في المقابل، دعا المرزوقي في كلمة لأنصاره من مقر حملته الانتخابية ليل أول من أمس، منافسه «إلى مناظرة تلفزيونية ومواجهته مباشرة أمام الشعب التونسي». واتهمت الحملة الانتخابية للمرزوقي أنصار السبسي بالتخطيط لمهاجمة الرئيس المنتهية ولايته خلال زيارته أحد المراكز الانتخابية. وصدر بيان عن حملة المرزوقي جاء فيه: «تعرض مكتب الاقتراع في الساحل التونسي لتهجّم من قِبل أنصار نداء تونس عمدوا إلى منع عدد كبير من الناخبين من ممارسة حقهم الانتخابي والتشويش على المنصف المرزوقي اثناء الإدلاء بصوته». وحذر المدير حملة المرزوقي عدنان منصر من التلاعب بنتائج الانتخابات الرئاسية، وقال: «لدينا ما يؤكد انه تم التلاعب بنتائج الانتخابات البرلمانية الماضية ولم نطعن في النتائج وقتها حتى لا نشكك في نزاهة هيئة الانتخابات ونضرب العملية الانتخابية برمتها». وأفاد مراقبون بأن مرشح حزب «نداء تونس» حصل تقريباً على الأصوات ذاتها التي حصل عليها حزبه في الانتخابات التشريعية، فيما حصل المرزوقي على قرابة 900 ألف صوت، بعد أن فشل في تجاوز عتبة عشرات الآلاف في الاستحقاق البرلماني، ما يعني أنه حظي بدعم قواعد حركة «النهضة» الإسلامية وأنصارها، على رغم أن هذه الأخيرة لم تدعم رسمياً أي مرشح ولم ترشّح أحد من صفوفها لخوض الاستحقاق الانتخابي. نسبة المشاركة وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية 64 في المئة من مجموع الناخبين الذين يفوق عددهم 5 ملايين ناخب تونسي. واعتبر رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شفيق صرصار في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس، أن «هذه النسبة محترمة جداً تشبه نسب التصويت في الديموقراطيات العريقة». إلى ذلك، حصل مرشح «الجبهة الشعبية» اليسارية حمة الهمامي على نسبة تقارب 10 في المئة من أصوات الناخبين. وعلى رغم خروجه من السباق الرئاسي، إلا انه اعتبر نتائجه «مشرفة جداً» لليسار التونسي الذي «يستعيد عافيته ويحتل موقعه المؤثر على الساحة السياسية». وأشار الى أن «الجبهة الشعبية» ستنظر في إمكان دعم أحد المرشحين في الدور الثاني. وكان مدير حملة المرزوقي الرئاسية عدنان منصر طالب «القوى الديموقراطية بالالتفاف حول المرزوقي لمنع عودة النظام السابق». ويواجه حزب «نداء تونس» الذي فاز في الانتخابات البرلمانية منذ شهر، اتهامات بكونه يسعى إلى إعادة النظام السابق. لكن القيادي في «الجبهة الشعبية» زياد الأخضر شدد في تصريح إلى «الحياة» على أن الجبهة ستجتمع لتقرر مساندة أحد المرشحَين، إلا أنها لن تدعم ترشح المرزوقي، وهو ما يعني عملياً أن الجبهة الشعبية ستترك الحرية لأنصارها في التصويت أو ستدعوهم للتصويت لصالح مرشح «نداء تونس» الباجي قائد السبسي. في سياق متصل، قرر مجلس الحوار الوطني أمس، أن «رئيس الجمهورية المنتخب هو الذي سيدعو إلى تشكيل الحكومة الجديدة» وليس الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي. وجاء هذا القرار بعد رسالة رسمية وجهها المرزوقي يوم الجمعة الماضي إلى حزب «نداء تونس»، بصفته الحزب الأول في البرلمان المنتخب، يطلب منه «ترشيح شخص لتكليفه بتشكيل الحكومة» وفق الفصل 89 من الدستور التونسي الجديد. واتفق الفرقاء السياسيون على إطلاق مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية، على رغم أن الدستور ينص على أن الرئيس يكلّف شخصية من الحزب الأول في البرلمان، بتشكيل حكومة جديدة في مهلة أقصاها أسبوعين بعد إعلان النتائج النهائية.