قبل نحو 4 أعوام التقى معلم حلقات تحفيظ، عضو مجلس حلقة الشيخ محمد بن عبدالوهاب بجامع الصديق بقرى الوهابة في محافظة سراة عبيدة حسين آل جعثم، صدفة بوالد المعاق طارق مطلق الوادعي، وأقنعه بالتحاق ولده بإحدى حلقات التحفيظ، ولكن إعاقة الطالب الكبيرة حالت دون التحاقه مع أترابه في جامع أو مدرسة. يعاني طارق طلق الوادعي (35 عاما) ضمورا في العضلات، وانحناء في العمود الفقري، قدماه قطعة واحدة، ينام على بطنه وصدره، ويتقلب مشيا على بطنه وجنبيه، متنقلا من غرفة إلى أخرى، ويستغرق نحو 15 دقيقا من غرفة نومه وحتى المكان المخصص للدراسة، يشرب بأسنانه، ويأكل بفمه في مكان مرتفع قليلا عن الأرض، يستخدم الجوال ويستفيد من وسائل التواصل الاجتماعي بالضغط على الحروف بأنفه ولسانه، ويتقن الحاسب الآلي، ويتواصل مع علماء الشريعة بالإنترنت، ولديه شهادات من بعض علماء المملكة، وأمله أن يصبح معلما للقرآن الكريم. يقول مدير جمعية تحفيظ القرآن الكريم في محافظة سراة عبيدة عبدالله آل مصلح ل"الوطن" إنه "نظرا لشدة إعاقة الطالب تم التفاهم مع ولي أمره والمعلم المكلف بالمهمة أن يتلقى تعليمه وتحفيظ القرآن في منزله، على أن يخصص المعلم وقتا مناسبا للعائلة يوميا، يحضر فيه لهذا الغرض مستقطعا ساعات عمله بالمسجد كمعلم للحفاظ هناك". وأضاف خالد عبدالحكيم عدلان -معلم الطالب المعوق- ل"الوطن" أن "المعوق طارق مطلق الوادعي التحق بالحلقة عام 1432، واستغرق عاما كاملا لتحسين أدائه الصوتي، حفظ القرآن بالتلقين خلف معلمه وبتقليب صفحات القرآن بأسنانه، وأتم الحفظ عام 1436 بنسبة نجاح 96 %". يقول مدير حلقات الوهابة علي آل مهروي: إن "الطالب لا يستطيع التحدث مع أحد، يداه مقلوبتان، وقدماه المعوقتان لا تستطيعان أن تتحملا وزنه، واكب ذلك صعوبة في مخارج الحروف، نظرا لأنه يتحدث وهو مستلق على بطنه، وهناك ضغط على قفصه الصدري، لكن سرعان ما ذابت كل المعوقات، وبدأ يدرس ويحفظ لمدة خمسة أيام أسبوعيا، فتعلم أسباب نزول القرآن والمتشابه فيه، وأتقن قواعد اللغة العربية، والمعاني الأدبية والبلاغية في القرآن". إلى ذلك، شهد محافظ سراة عبيدة مساء أمس تخريج 43 حافظا وحافظة لكتاب الله في قصر الوطن، حيث سلم شهادات التخرج ودروع التفوق للمتميزين. يذكر أن 4 مسنات غير متعلمات أتممن حفظ القرآن الكريم، وتم تكريمهن في وقت سابق، وهن شاهرة علي مشبب، وصيدة مداوي، وهدبة يحيى محمد، والمقيمة باسنيم بانيم.