تأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لمصر، تعزيزًا للعلاقات التاريخية، والأواصر الأخوية التي تربط بين البلدين والشعبين الشقيقين السعودي والمصري. تكتسب هذه الزيارة أهميتها الخاصة في هذا التوقيت، حيث تتعرض المنطقةُ لمخاطرَ وتحديات كبيرة، والسعودية ومصر هما صمام الأمان لاستقرار المنطقة، وركيزتها لمواجهة تلك التحديات والمخاطر والمؤامرات، مما يدعو إلى توحيد المواقف والرؤى، فلا يسع البلدين إلا أن يتوافقا ويتطابقا في النظر إلى أزمات المنطقة، وأن يقودا المنطقة إلى بر الأمان، بعيداً عن الأمواج المتلاطمة التي باتت تضرب منطقتنا من كل حدب وصوب، وألا يعطيا كائنا من كان فرصة كي يعكر صفو هذه العلاقة الأزلية التي أرسى قواعدها المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وصار من بعده أبناؤه البررة يعززون من تلك العلاقة على مدار العقود الماضية. زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الحالية للقاهرة تعد "تاريخية" بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان، والتاريخ هنا لا يقوم فقط على إدراك قيادتى البلدين لخطورة الأوضاع، بل أيضاً على إيمانهما بالمسؤولية القدرية التي جعلت منهما أن تتبوءا قيادة العالمين العربي والإسلامي. فلا استقرار في دول الخليج والعالم الإسلامي بدون استقرار السعودية، وأيضا لا استقرار للمنطقة العربية بل والشرق الأوسط بدون استقرار مصر، ومن هنا تتبين لنا قدرية هذين البلدين، لذا لا أبالغ إذا ما قلت إن استقرار العالم يبدأ من هذين البلدين (السعودية ومصر)، شريطة أن يكون هذا الاستقرار قائما على العدل ووضوح الرؤى وأيضا على الرضا الاجتماعي. وأقول لمن يريدون دائماً الاصطياد في الماء العكر أو لمن في قلوبهم مرض، لا يضر أن تكون هناك اختلافات في وجهات النظر بين السعودية ومصر حيال بعض المعالجات لملفات إقليمية، فالمهم هو الاتفاق على الغايات، وأولاها الحفاظ على وحدة التراب الوطني في كل الدول العربية، ومحاربة الإرهاب بشتى صوره. كما أن الاتفاقيات التي عقدها الجانب السعودي مع الأشقاء في مصر هي بالتأكيد سوف تعود بالنفع على الشعبين، خاصة الجسر البري الذي يربط بين المملكة ومصر، هذا المشروع الذي طال انتظاره منذ أمد بعيد، حيث يعتبر هذا الجسر نقلة نوعية كبيرة جدًا في التعاون بين البلدين، وطريقًا للمزيد من المشروعات التنموية والتبادل التجاري، ويعتبر أيضًا طريقًا للربط بين العالمين العربي والإسلامي في إفريقيا وآسيا. بالإضافة إلى كثير من الاتفاقات الاستثمارية والمشاريع العملاقة على المستوى الحكومي والقطاع الخاص.