سعيا إلى إصلاح اقتصادي شامل وتأمين مستقبل المملكة لمرحلة ما بعد النفط، كشف ولي ولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، عن تأسيس صندوق استثماري ضخم بقيمة تريليوني دولار لحقبة ما بعد النفط، ليكون أكبر صندوق سيادي على مستوى العالم. وأوضح الأمير محمد بن سلمان، في لقاء مع وكالة بلومبرج العالمية، أن صندوق الثروة السيادية لديه حاليا حصص في عدة شركات، بما في ذلك شركة "سابك"، والبنك الأهلي التجاري، ويدرس فرصتين خارج السعودية في المجال المالي وفق خطة لأن تصبح السعودية دولة لا يعتمد اقتصادها على النفط خلال العشرين عاما المقبلة. في إطار إحداث نقلة نوعية في الاقتصاد السعودي ولتحقيق نمو متسارع بخطوات ثابتة مدروسة، بدأت المملكة في تنفيذ خططها الإستراتيجية لمرحلة ما بعد عصر النفط، من خلال إنشاء أكبر صندوق ثروة سيادية في العالم لأغلى الأصول الثمينة. تكتل صناعي في لقاء استمر على مدى خمس ساعات تقريبا مع وكالة بلومبرج الاقتصادية العالمية، أوضح ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، رؤيته للصندوق الاستثماري العام، والذي سيتحكم في النهاية بأكثر من تريليوني دولار ويساعد المملكة على التوقف عن الاعتماد الكامل على النفط كجزء من تلك الإستراتيجية، مؤكدا أن السعودية ستبيع أسهما في شركة أرامكو الأم وتحول الشركة النفطية الضخمة إلى تكتل صناعي، في حين الطرح العام الأولي للأسهم قد يبدأ في العام المقبل، حيث تخطط المملكة حاليا لبيع أقل من 5 %.
صندوق الاستثمارات قال الأمير محمد بن سلمان، في المقابلة التي أجريت معه في الرياض إن "الطرح العام الأولي لأرامكو وتحويل أسهمها إلى صندوق الاستثمارات العامة سيجعلان الاستثمارات مصدر دخل الحكومة السعودية، وليس النفط"، لافتا إلى أن ما تبقى الآن هو تنويع الاستثمارات خلال 20 عاما، لتكون اقتصادا قويا أو دولة لا تعتمد بشكل رئيسي على النفط. وبين الأمير محمد أنه تم التخطيط لبيع أسهم من أرامكو في 2018، أو حتى قبل ذلك بعام، في حين سيلعب صندوق الاستثمارات العامة دورا رئيسيا في الاقتصاد، حيث سيكون الاستثمار داخل المملكة وخارجها، مشيرا إلى أن الصندوق سيكون كبيرا لدرجة يستطيع معها شراء أسهم في شركة (آبل)، شركة جوجل الأم (الفابيت إنكوربوريشن)، شركة (مايكروسوفت كورب)، وشركة (بركشاير هاثاواي إنكوروبريشن) –أكبر شركات متداولة في العالم.
رفع فعالية الإنفاق أضاف ولي ولي العهد في حديثه مع بلومبرج "نحن نعمل على رفع فعالية الإنفاق"، ووضح أن الحكومة كانت تنفق في السابق ما يصل إلى 40 % أكثر من مخصصاتها في ميزانيتها، لكن ذلك تم تقليصه إلى 12 % في 2015، "لذلك لا أعتقد أن لدينا مشكلة حقيقية فيما يتعلق بأسعار النفط المنخفضة". فرصتان خارج السعودية كشف الأمير محمد بن سلمان أن صندوق الثروة السيادية لديه حاليا حصص في عدة شركات، بما في ذلك شركة (سابك) والبنك الأهلي التجاري، ويدرس الصندوق حاليا "فرصتين خارج السعودية" في المجال المالي، ومع أنه لم يفصح عن أسماء الشركات المستهدفة، إلا أنه أعرب عن ثقته بنجاح فرصة على الأقل منهما. وعبر ولي ولي العهد عن تفاؤله الكبير بعد طرح أسهم أرامكو قائلا "بلا شك، سيكون ذلك أكبر صندوق على وجه الأرض". يذكر أن نشاط صندوق الاستثمارات العامة يزداد بشكل أكبر في الخارج، حيث اشترى الصندوق في يوليو السابق حصة بنسبة 38 % من شركة (بوسكو) للهندسة والبناء في كوريا الجنوبية بقيمة 1.1 مليار دولار، وفي نفس الشهر اتفق مع روسيا على استثمار 10 مليارات دولار في صندوق الاستثمارات الروسية المباشرة.
زيادة الاستثمارات الأجنبية أكد الأمين العام لصندوق الاستثمارات العامة ياسر الرميان أن صندوق الاستثمارات العامة يخطط في النهاية إلى زيادة نسبة الاستثمارات الأجنبية من 5 % حاليا إلى 50 % من الصندوق بحلول 2020، مشيرا إلى أن الصندوق يقوم بتوظيف اختصاصيين في الأسواق العالمية، والأسهم الخاصة، وإدارة المخاطر. وأضاف الرميان "نحن نعمل الآن على عدة جهات تقوم الحكومة الآن بتحويل بعض أصولها وأراضيها وشركاتها إلينا"، لافتا إلى أن هناك مشاريع مختلفة في السياحة وفي الصناعات الجديدة غير المستغلة في السعودية.
إصلاح الاقتصاد قالت وكالة بلومبرج الاقتصادية العالمية إنه بعد مرور حوالي ثمانية عقود من اكتشاف النفط في المملكة يهدف الأمير محمد بن سلمان إلى تحويل أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العالم إلى اقتصاد يليق بالمرحلة القادمة، مشيرة إلى أن محاولات ولي ولي العهد السعودي إصلاح الاقتصاد تأتي في وقت تتعرض المنطقة بشكل عام إلى اضطرابات كبيرة وتقود فيه المملكة تحالفا عربيا ضد ميليشيات مدعومة من إيران في اليمن باعتباره وزيرا للدفاع. وأضافت بلومبرج أن الأمير محمد بن سلمان يقود الجهود العسكرية الواسعة التي تقوم بها المملكة، كما يشرف على عدة وزارات، بما في ذلك المالية والنفط والاقتصاد، من خلال رئاسته لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، كما يشرف المجلس الذي أسسه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، على صندوق الاستثمارات العامة.