منذ أن ظهر الفنان الكويتي غانم الصالح على الساحة الفنية ارتبط اسمه بمسرحية طالما أضحكت الجماهير ورسخت في عقولهم هي "باي باي لندن". ولكن من المفارقات الغريبة أن اسم "لندن" ظهر مرة أخرى في وفاة غانم الصالح الذي وافته المنية في عاصمة الضباب أمس بعد صراع مع مرض سرطان الرئة عن عمر 67 عاما. الصالح قدم مسرحية "باي باي لندن" عام 1981 إلى جوار عبدالحسين عبدالرضا والراحلة مريم الغضبان وهيفاء عادل وداود حسين ومحمد جابر وانتصار الشراح، وكما هو الحال بالنسبة لمسرحيات لا ينساها التاريخ مثل "مدرسة المشاغبين" و"شاهد ما شفش حاجة" ظلت "باي باي لندن" علامة فارقة في تاريخ الفن المسرحي الكويتي لتعود ذكرياتها مرة أخرى مع وفاة أحد أعمدتها وهو الفنان القدير غانم الصالح. المرض المفاجئ الذي تعرض له غانم الصالح جعله يعود مرة أخرى إلى ذكريات لندن وتلك المسرحية ولكن بشكل آخر ومختلف، فالألم هذه المرة لا الكوميديا، كان يعصر ذلك الرجل البدوي "شارد بن جمعة" أو كما أطلق على نفسه في المسرحية "فتى الجبل"، وأدخل قسم العناية المركزة بأحد مستشفيات الكويت ومن ثم نقل إلى لندن لتلقي العلاج إلا أنه توفي نتيجة تفاقم المرض الخطير. تاريخ لا ينسى أما "ذياب دايخ ذيب بنيدر" وهو سائق الوانيت الذي وقع في غرام سبيكة (حياة الفهد)، وحاربته شقيقتها "رقية" (سعاد عبدالله) في مسلسل "رقية وسبيكة"، فكان له شان آخر في حياة من عاصروا ذلك المسلسل وكانوا ينتظرون بثه لساعات حتى يشاهدوا مغامرات "ذياب" مع الشقيقتين الشقيتين. هذا بالإضافة إلى أدوار وأعمال أخرى كان من ضمنها 80 مسلسلا و25 مسرحية وقدم فيلما واحد اسمه "الفخ" مع محمد المنيع وجاسم النبهان. كان الصالح بلا شك رائدا من رواد الحركة المسرحية في الكويت خاصة والخليج عموما، وما هذه الأمثلة من المسلسلات والمسرحيات التي قدمها إلا دليلا قاطعا على أن الساحة الفنية في الكويت قد فقدت ركنا أساسيا من أركانها وعملاقا أثرى الساحة بعطاءاته وأعماله الخالدة. ولد الصالح عام 1942 في منطقة صيهد العوازم في الكويت، وهو متزوج وله خمسة أبناء، وظهر لأول مرة على خشبة المسرح في أوائل الستينات واحتل مكانة خاصة بين زملائه الفنانين محليا وخليجيا وعربيا. وشارك الفقيد الصالح في أكثر من مسرحية ومسلسل تلفزيوني أولها مسرحية "صقر قريش" . وساهم الفقيد الصالح في تأسيس فرقة المسرح العربي عام 1961. ومن أبرز محطات حياته الفنية مسرحية "ابن جلا" و"استارثوني وأنا حي" و"مضحك الخليفة" و"عشت وشفت" و"اغنم زمانك" و"الكويت سنة 2000" و"حط حيلهم بينهم" و"القاضي راضي" و"حط الطير.. طار الطير" و"مطلوب زوج حالا" و"عالم نساء ورجل" وإمبراطور يبحث عن وظيفة" ومسرحية "علي جناح التبريزي وتابعه قفة" التي شاركت في مهرجان دمشق للفنون المسرحية ونالت جائرة أفضل عرض مسرحي. وشارك الفقيد الصالح في عدد من المسرحيات الأخرى مثل "باي باي لندن" و"فرسان المناخ" و"أرض وقرض" و"العزوبية" و"مضارب بني نفط" و"حرم سعادة الوزير" و"ممثل الشعب" و"البيت المسكون" و"بيت بوصالح". أما على المستوى الدرامي فقد شارك الصالح في عدد من الأعمال التلفزيونية والمسلسلات وكان أول مسلسل ظهر فيه "محكمة الفريج"؛ وذلك عام 1967. ومن أعماله الدرامية "إذا فات الوقت ما ينفع الصوت" و"القلب الكبير" و"أمثال شعبية" و"محكمة الفريج" و"الغرباء" و"خالتي قماشة" و"قاصد خير" ومرآة الزمان" و"يوميات متقاعد" و"الطير والعاصفة" و"البيت الكبير". وحصل الفقيد الصالح على الكثير من الجوائز وشهادات التقدير من جهات رسمية وشخصية وصحفية منها شهادة إعلام من محطة لندن عام 1969 ودرع من المسرح العربي عام 1980. وكان آخر أعمال الفقيد الفنية أربعة مسلسلات عرضت في عدد من القنوات الفضائية في رمضان الماضي وهي "أخوان مريم" و"ليلة عيد" و"أيام الفرج" و"المنقسي".