أبرز ما جلبته إيران إلى المجتمع اليمني، منذ دخولها عبر الانقلابيين الحوثيين، هو ثقافة ترتيب المقابر وتزيين القبور بالورود والرياحين، ووضع صور القتلى، وإضافة إلى إرسالها خبراء الحروب والموت، للعمل بجوار المسلحين، لم تنس طهران أن تبعث أيضا بخبراء تصميم المقابر وتخطيطها، لتكرس مفهوم الموت في الشارع اليمني، بدلا من مفهوم الحياة والتنمية البشرية، وصنعت نموذجها في مختلف المناطق التي يوجد بها حليفها الحوثي، بدءا من صعدة الفقيرة التي تحتضن مقبرة "القرضين" التي تُعد أكبر مقبرة على مستوى اليمن، وصولا إلى صنعاء التاريخية. و يواصل الحوثيون افتتاح المقابر ودفن ضحاياهم، التي كان آخرها افتتاح أكبر مقبرة بمنطقة "خمر عمران"، الواقعة بمحافظة عمران، وفي كل مكان تطأه أقدامهم على التراب اليمني، ناشرين بذلك ثقافة الموت تحت مظلة قداسة الشهداء. اعتبارات عنصرية مع أن اليمنيين اعتادوا احترام كرامة الموتى، منذ الأزل، لكن النموذج الجديد الذي أظهره الحوثيون، هو نموذج إيراني، طبقه الحوثيون على اعتبارات عنصرية وجهوية، فهناك مقابر من يسمون "القناديل"، وهم أبناء الأسر المرموقة، ومقابر خاصة لمن يطلق عليهم "الزنابيل"، وهم المقاتلون من عامة الشعب. حيث تختلف من حيث الشكل والعناية وفخامة التصميم، وهذا التزيين يُشعر الناظرين بالحفاوة والتقدير، ليخدعوا بذلك كثيرا من الناس البسطاء، ويجتذبون مزيدا من المقاتلين المضللين إلى حرائق المعارك الخاسرة، بينما يبقى السادة في مساكنهم الآمنة. ادعاء الكرامات في تعليق على هذه الظاهرة قال الشاعر اليمني غايب حواس "من يتتبع جغرافية الصراع الإمامي، يجد أن كبريات المقابر في الجزيرة والمنطقة خلفتها حروب ذات طابع مقدس، ولكن الأدهى من ذلك أن يكون هناك تمييز عنصري مقيت، لقبور أبناء السلالة عن قبور غيرهم، فمن قديم والقباب ترفع فوق قبورهم حيثما دفنوا، كما يتم رفع القبر إلى مستوى يصل إلى المتر أو أقل وأحيانا أكثر، ويدفن أكثر كبرائهم كذلك في المساجد، وتحاط قبورهم بهالات التقديس والرياحين، وتسكب فوقها العطور، ومع حروب الحوثيين الأخيرة اتسعت عليهم الخرق، فلجؤوا إلى فتح مقابر جديدة، على النمط الإيراني في مقابر من يسمونهم الشهداء، غير أن القتلى من أبناء سلالتهم لا يزالون يدفنون في جانب مخصص من المقبرة، بلا احتفاء كبير".