حذر محللون ومختصون في الجوانب السياسية والفكرية من تأثير الأزمات التي تمر بها الأمة العربية على الهوية الوطنية، وأجمعوا على أن "عاصفة الحزم" التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين أعادت الأمور إلى نصابها وأشعرت العرب بأنهم قوة يمكن أن تدافع عن نفسها في حال اتحدت. جاء ذلك مساء أمس في ندوة "عاصفة الحزم والمتغيرات الجيوسياسية في المنطقة" التي أدارها غنام المريخي، ضمن فعاليات مهرجان الجنادرية 30 الذي تحتضن الرياض فعالياته. وقال الكاتب والباحث في العلوم السياسية نجيب غلاب في ورقته "اليمن الجديد بعد عاصفة الحزم والتكامل العربي في وجه الأطماع الإقليمية"، إن: الهوية الوطنية والدولة في اليمن تعرضتا لضربات كثيرة حيث مثلت الأيديولوجيات الحزبية المتطرفة بكافة تنوعاتها معضلة سياسية أسهمت في إضعاف الدولة وتفكيك الهوية الوطنية، فقد ركزت على الصراع السياسي وعلى تغيير تركيبة القوة على أسس تصفوية ونزعات شمولية. الدفاع الاستباقي بدوره، يرى مدير المنتدى الإقليمي للدراسات والاستشارات العميد الركن خالد حمادة أن "تشكيل الأطر التنظيمية للتحالف العسكري الإسلامي وإعادة تقييم المخاطر، ضمن تقييدات احترام المصالح العربية الحيوية، من البحر الأحمر إلى الخليج العربي إلى البحر المتوسط والانتقال من مرحلة ردّ الفعل إلى مفهوم الدفاع الاستباقي. وأوصى في ورقته ب"تفعيل التعاون الثقافي بين الجامعات والنُخب العربية ومثيلاتها في الغرب وأميركا الشمالية وتشكيل مجموعات تفكير غربية متفهمة وخلق منصات ثقافية وفنية وفكرية، لردم الهوة الثقافية وتبديد الهواجس وتنقية الذاكرة الغربية من الأحكام المُسبقة، بما يخدم عدالة قضية الموقف العربي الذي تقوده السعودية"، كذلك رأى أهمية "توسيع دور المواطنين في الشأن السياسي-الاجتماعي وتمتين انتمائهم وإرساء مفهوم المواطنة المبني على المشاركة السياسية". الخطر الأيديولوجي ويؤكد رئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبدالعزيز الغامدي في ورقته "تأثيرات الأخطار الإثنية والارتباطات الإيديولوجية على مستقبل الدولة الوطنية" أن التحدي الأكبر للدولة الوطنية في الوقت الحاضر يأتي من قبل التيارات الدينية العابرة لحدود الدول. وأضاف: "يشكل لغز داعش حقيقة أزمة الدولة الوطنية، كذلك يمثل التحدي الحوثي للدولة اليمنية نموذجا لجماعة مذهبية لها ارتباطات خارجية". وخلص إلى أن مستقبل الدولة الوطنية في الدول ذات التعددية يتوقف على عدة عوامل، منها إعادة تأسيس مفهومها في الوعي الجمعي، وبناء أجهزة الدولة ومؤسساتها وخصوصا الشرطة والجيش على أسس وطنية، وتبني صيغ ديمقراطية تنطوي على احترام حقوق الأقليات والقبول بالتعددية، والتصدي بحسم لظاهرة خلط الدين بالسياسية، ومواجهة جماعات التطرف والإرهاب العابرة للحدود. أما وزير الإعلام الأردني الأسبق صالح القلاب فأكد أن "عاصفة الحزم" أشعرت العرب أن بإمكان الخيرين منهم أن يتحدوا ويواجهوا أي تحد لهم ولوجودهم الفاعل في هذه المنطقة التي ستبقى عربية، مهما حاول المتطفلون والمتسللون من الخارج.