فيما تفاوتت آراء المراقبين المتابعين لمفاوضات جنيف، ما بين متشائم بأن لا نتيجة، طالما لا يوجد ما يلزم الأطراف بها، وبين مؤكد على ضرورة الحل لأمن الشعوب، أعرب مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، عن تفاؤله عقب اجتماع عقده أمس مع وفد المعارضة السورية في مقر إقامته، مؤكدا أنه أجاب خلال اللقاء على شواغل وتطلعات المعارضة. وقالت مصادر سورية، حضرت اللقاء مع الموفد الأممي، إن دي مستورا، أعلم المعارضة بأن المفاوضات لا معنى لها، إن لم تحضر اليوم الجلسة التفاوضية في مقر الأممالمتحدةبجنيف، وأنه مضطر ليعلن بذلك انتهاءها. وعقب الاجتماع الذي شارك فيه جورج صبرا، وعبدالحكيم بشار، وسهير الأتاسي، وحسام حافظ، وأحمد العسراوي، وبكر سليم، قال المتحدث باسم المعارضة، سالم المسلط، في مؤتمر صحفي، إن الوفد جاء إلى جنيف لمعرفة ما إذا كان المجتمع الدولي جادا في اتخاذ خطوات لحل الأزمة السورية، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، ودخول المساعدات الإنسانية والغذاء إلى البلدات المحاصرة والأطفال الذين يموتون جوعا، وإطلاق سراح النساء المعتقلات، وهي خطوات مهمة، موضحا أنهم حصلوا على وعود دولية بتنفيذ قرار مجلس الأمن، بما فيه وقف القصف الجوي، وبحث وقف إطلاق النار، وتشكيل حكومة انتقالية. الإرهاب صنيعة النظام أضاف المسلط أن معركة المعارضة ليست ضد الأسد ونظامه فقط، بل أيضا ضد الاحتلال الروسي والإيراني لسورية، مطالبا بوقف الجرائم ضد المدنيين، مشيرا إلى أن ادعاءات موسكو بمحاربة الإرهاب غير حقيقية، وأنها حاربت كل شيء في سورية عدا الإرهاب، بل إن رقعة الإرهاب اتسعت منذ التدخل الروسي. وأضاف أن الإرهاب صنيعة النظام، وأن المعارضة جاءت إلى جنيف لإنجاح العملية السياسية، والنظام هو الذي يسعى إلى إفشالها، مبينا أن الهيئة العليا للتفاوض أجمعت في الرياض على أن تكون سورية مدنية ديموقراطية تعددية، وأن تكون جميع مكوناتها فاعلة دون استثناء. التهديد بالانسحاب أعلن منسق الهيئة العليا للتفاوض، رياض حجاب، أمس، أن وفد المعارضة قد ينسحب من محادثات السلام في جنيف، إذا واصلت قوات النظام وحلفاؤه تصعيد حملة قصف للمناطق الخاضعة لسيطرة الثوار، ومنع دخول المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة. وأضاف في بيان على الإنترنت أن الوفد سافر إلى جنيف بعد أن تلقت الهيئة ضمانات مكتوبة وشفهية من دول كبرى بمعالجة القضايا الإنسانية. من جانبه، حض وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، وفدي المعارضة والنظام على أداء دورهما كاملا في مفاوضات السلام، متهما قوات الأسد بتجويع المدنيين. وقال في بيان نشر على الإنترنت من واشنطن "نظرا لما تنطوي عليه هذه المحادثات من أهمية، أناشد الطرفين اغتنام هذه الفرصة على الوجه الأفضل"، مطالبا النظام بالسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى البلدات المحاصرة، مثل مضايا. وأوضحت مصادر أنه رغم أن كيري وجه تصريحاته للطرفين، إلا أن رسالته كانت تستهدف المعارضة التي هددت بمغادرة جنيف حتى قبل بدء المحادثات، لافتة إلى أنه دعا المعارضة إلى التخلي عن الشروط المسبقة، إلا أنه وجه كلمات قاسية إلى النظام، متهما قواته بتعمد تجويع المناطق المحاصرة. تفجيران بدمشق قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أكثر من 60 شخصا، بينهم 25 مقاتلا من قوات النظام والميليشيات التابعة لها من حزب الله والفصائل العراقية والإيرانية، قتلوا في تفجيرين انتحاريين نفذهما تنظيم داعش، بحي السيدة زينب في العاصمة دمشق، الذي يضم واحدا من أهم المزارات الشيعية. وفيما أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجمات، أشار المرصد إلى أنه من المرجّح ارتفاع عدد الضحايا من التفجيرين الانتحاريين في الحي. وقال مدير المرصد، رامي عبدالرحمن، إن مهاجمين انتحاريين استهدفوا حافلة عسكرية تقل مقاتلين شيعة أثناء عملية تبديل حرس، بينما أشار شاهد عيان إلى أن عملية انتشال الجثث من تحت الأنقاض والذي نجم عن التفجيرين ظلت مستمرة حتى ساعة متأخرة من مساء أمس. يذكر أن حي السيدة زينب شهد اشتباكات عنيفة في السنوات الأولى من عمر الصراع الذي بدأ عام 2011، لكن قوات النظام وجماعات شيعية في مقدمتها ميليشيات حزب الله اللبنانية تولت تأمينه، وأقامت حواجز طرق لحمايته. قائمة معتقلين أكدت فرح الأتاسي خلال المؤتمر الصحفي أن المعارضة قدمت قائمة بأسماء 177 امرأة في سجون النظام، موضحة أن هناك ثلاثة آلاف معتقلة، بعضهن وضعن مواليدهن في السجون، وأن سجن عدرا به 700 سجينة. وأضافت أن النظام إذا كان جادا في الدخول في عملية سياسية، فعليه إطلاق سراح السجينات، عملا بقرار مجلس الأمن، والتوقف عن استغلال معاناتهن لأغراض سياسية، مشيرة إلى أن الملف الإنساني غير قابل للنقاش، لأنه فوق العملية التفاوضية. كما أجمع مراقبون على أن المفاوضات الحقيقية ستبدأ عندما يجتمع وفد المعارضة، برئاسة العميد أسعد الزعبي، ووفد النظام، برئاسة بشار الجعفري، مشيرين إلى أن موقف المعارضة من المفاوضات "جيد جدا"، وحقق نتائج باستبعاد رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي، صالح مسلم، ومدّعي المعارضة، وتحويلهم لمستشارين.