بدأ وفدا الحكومة السورية والهيئة التفاوضية العليا للمعارضة «حرباً إعلامية» حول الملف الإنساني، بمجرد اكتمال وصول وفديهما إلى جنيف، مع تركيز المعارضة على تحقيق تقدّم في البعد الإنساني قبل بدء مفاوضات السلام السورية. وجاء ذلك في وقت أعطى الجانبان الأميركي والروسي ومعهما الأممالمتحدة «أجواء احتفالية» لمشاركة الوفدين في المفاوضات، وهو أمر لم يحصل سوى بعد ضغوط مارستها واشنطن على حلفاء المعارضة لدفعها إلى الحضور. وقال رئيس «الاتحاد الديموقراطي الكردي» صالح مسلم ل «الحياة» انه تلقى اتصالاً من نائب وزير الخارجية الأميركي طوني بلنكين تضمّن تقديم «ضمانات» حول دور الأكراد في مستقبل سورية ومشاركتهم في العملية السياسية «في مرحلة لاحقة»، الأمر الذي يُتوقع أن يثير مشكلة مع أنقرة وفصائل معارضة. وبالتزامن مع مفاوضات جنيف، قُتل عشرات بينهم ما لا يقل عن 25 عنصراً من ميليشيات شيعية تقاتل إلى جانب النظام في تفجيرين انتحاريين تبناهما تنظيم «داعش» في منطقة تضم مزارات شيعية جنوبدمشق. (للمزيد) وبعد وصول وفد الهيئة التفاوضية للمعارضة مساء السبت الى جنيف، إثر مشاكل لوجستية تعلّقت بتأشيرات الدخول وملكية الفندق الذي خصصته لهم الخارجية السويسرية وموقعه، بدأ الناطقون باسم الوفد «حملة إعلامية» في مقابل حملة مماثلة لوفد الحكومة. وأكد الناطق باسم الهيئة المعارضة سالم المسلط أن الأولوية هي لتحقيق تقدّم في المسار الإنساني والإفراج عن معتقلين خصوصاً الأطفال والنساء «تنفيذاً لضمانات» حصلت عليها الهيئة من وزير الخارجية الأميركي جون كيري والأممالمتحدة ودول إقليمية. وقام المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا أمس ب «زيارة مجاملة» إلى وفد هيئة المفاوضات العليا، وعقد معها «اجتماعاً غير رسمي بهدف معالجة القضايا الخاصة بالمفاوضات بين الأطراف السورية»، وفق بيان ناطقة باسم مبعوث الأممالمتحدة. وأضافت أن لقاء موازياً عقد بين السفير رمزي رمزي نائب المبعوث الدولي ورئيس وفد الحكومة بشار الجعفري الذي عقد مؤتمراً صحافياً بالتوقيت نفسه الذي تحدث فيه المسلط. وقالت بسمة قضماني، وهي عضو في الهيئة المعارضة، إن الوفد جاء «بعدما تلقى ضمانات والتزامات محددة بأن يتحقق تقدم جدي في شأن الوضع الإنساني». وأضافت: «لا يمكن المعارضة بدء المفاوضات السياسية قبل أن تتحقق هذه الأمور»، فيما قال المسلط إن المعارضة «مستعدة للتحرك عشر خطوات إذا ما تحرك وفد الحكومة خطوة واحدة فقط»، لكنه أضاف أن الرئيس السوري بشار الأسد «لا يعتزم تقديم أي تنازلات... النظام لم يأتِ للتوصل إلى حلول بل لكسب الوقت». وجدد المنسق العام للهيئة رياض حجاب، في الرياض، القول إن الوفد «قد ينسحب من المفاوضات إذا واصلت الحكومة وحلفاؤها تصعيد حملة قصف المناطق الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة ومنع دخول المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة». في المقابل، اتهم الجعفري المعارضة بأنها «غير جدية» في المفاوضات. وقال رداً على سؤال إن ممرات انسانية ووقف النار والإفراج عن سجناء «جزء من البرنامج الذي تم الاتفاق عليه وسيكون واحداً من النقاط المهمة للغاية التي سيناقشها المواطنون السوريون مع بعضهم بعضاً». وكان مقرراً ان يبدأ دي ميستورا المفاوضات اليوم، بجلستين في غرفتين منفصلتين، واحدة مع وفد الحكومة وأخرى مع المعارضة. وبذل الاميركيون والروس جهوداً لاقناع الطرفين بالدخول في مفاوضات. وقال المبعوث الدولي أمس بعد لقائه المعارضة: «أنا متفائل ومصمم لأنها فرصة تاريخية يجب عدم تفويتها». وتابع: «يعود الأمر الى الهيئة العليا للمفاوضات لكي يبلغونا بالحضور (اليوم)». وعقد ممثلو عشر دول من «النواة الصلبة» من مجموعة «أصدقاء سورية» لقاء مع الهيئة التفاوضية في مقر البعثة الفرنسية في جنيف لحضها على عدم الانسحاب من المفاوضات، بل الانخراط فيها واستخدامها «منبراً اعلامياً للضغط على النظام وحلفائه»، بالتزامن مع توقع لقاء بين مساعدة وزير الخارجية الأميركي ان باترسون ونظيرها الروسي غينادي غاتيلوف. وبدأت دول غربية تبحث اطلاق «مسار إنساني منفصل بين ممثلي الحكومة والمعارضة، لإحداث اختراق وتحسين الوضع قبل الانتقال الى بحث وقف النار والبعد السياسي». إلى ذلك، أفاد «المرصد السوري لحقوق الانسان» بأن اكثر من 60 شخصاً بينهم حوالى 25 عنصراً شيعياً مسلحاً قتلوا في تفجيرين انتحاريين تبناهما «داعش» في منطقة السيدة زينب جنوبدمشق والتي تضم مزارات شيعية ووجوداً قوياً ل «حزب الله» وميلشيات شيعية. وفي الرياض قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن المعارضة السورية وحلفاءها تلقوا تطمينات كتابية من الأممالمتحدة بتطبيق القرار 2254، وخصوصاً الفقرات 12 و13 المتعلقة بالمساعدات الإنسانية، ووقف القصف العشوائي، مبيناً أن هذه النقاط لا يمكن التفاوض عليها. وجدد الجبير خلال مؤتمر صحافي مع نظيره التركي مولود تشاويش أوغلو في الرياض أمس أن «المفاوضات بين النظام والمعارضة السورية ستبدأ بناءً على بيان جنيف، الذي ينص على نقلٍ كامل للسلطة وبناء مستقبل جديد وسورية جديدة لا يكون لبشار الأسد دور فيها». ودعا الوزير التركي إيران أن تتراجع عن البعد الطائفي في المنطقة، محذراً من خطورة ذلك، وأشار بقوله: «تباحثنا في جميع المسائل، وخصوصاً الملف السوري وموضوع إيران، نحن ضد الطائفية وهي خطرة جداً لذلك يجب على إيران أن تتنازل وتتراجع عن هذا البعد الطائفي ونحن نذكر ذلك داخل المحافل الدولية».