ضربت والدة أحد الشهداء الذين استشهدوا أخيرا في تعز، أروع الأمثلة في الوفاء لمدينتها، وحث الآخرين على التضحية لأجل الوطن. ووقفت الدكتورة خديجة عبدالملك الحدابي، أمام ثلاجة الموتى في مستشفى الروضة، حيث رقد جثمان ابنها الشهيد محمد عز الدين سلطان، وقامت بتوزيع الحلوى على الحاضرين، وخطبت فيهم قائلة إنها تفخر باستشهاد ابنها الذي قدم حياته فداء لمدينته، ودفاعا عن أرضه. وأمام رهبة المشهد لم يتمالك عشرات المعزين أنفسهم من البكاء، تأثرا مما أقدمت عليه والدة الشهيد، التي لم تكتف بذلك، بل اتصلت بمنزلها، وطلبت من بناتها إعداد الحلويات والكعك، لتوزيعها على المعزين في سرادق العزاء الذي أقامته المقاومة الشعبية.
الحث على الفداء قالت إحدى الصحفيات اللاتي حضرن الموقف إن الحدابي خطبت فيهن، وأوضحت لهن قيمة الفداء والتضحية لأجل الوطن، وانتقلت بعد ذلك إلى مقر العزاء، وظلت تتلقى العزاء، وكانت ترد على بكاء النسوة بكلمات المواساة، وتبارك لأقاربها استشهاد نجلها. مشيرة إلى أنها طلبت من المعزيات أكثر من مرة التوقف عن البكاء والاستعاضة عن ذلك بقراءة القرآن والدعاء للشهيد بالمغفرة والقبول. وكان محمد عزالدين قد أصيب قبل ثلاثة أيام في جبهة الشقب في صبر، وهو يدافع عن مدينة تعز المحاصرة ضد الهجمات التي تشنها ميليشيات الحوثي وصالح على المدينة. وتم نقله إلى العناية المركزة في مستشفى الروضة، وظل فيها حتى توفي بعد ثلاثة أيام من المعاناة.
التضحية لأجل الوطن بدوره، قال الناشط في المقاومة الشعبية بتعز، حمود عزيز، إن ما قامت به الدكتورة الحدابي يؤكد أن أهل تعز عقدوا العزم على تحرير مدينتهم من ميليشيات الحوثيين المتمردة، وفلول المخلوع، علي عبدالله صالح، مهما كلفهم الأمر، وأضاف "بلاد نساؤها بمثل هذه الدرجة من الإيمان لن تُهزم، ولن تستطيع ميليشيات الإرهاب والغدر أن تذل أهلها، وسنبقى على نفس الدرجة من العزم والإرادة، لأجل كتابة نهاية هذه الميليشيات الانقلابية، ولن نسمح لهم بالسيطرة على أرضنا". وأضاف عزيز "سبق لقائد المقاومة الشعبية في المحافظة، حمود المخلافي، أن ضرب نفس المثل عند استشهاد فلذة كبده، وابنه البكر، الدكتور أسامة في أغسطس من العام الماضي، ورفض قبول العزاء فيه، مؤكدا أنه لم يمت، وأنه شهيد يحيا عند ربه، وكان يقابل المعزين بابتسامة كبيرة، ويبث الحماس في نفوسهم، وظل على هذا الوضع، رغم علم الجميع أن الألم يعتصر قلبه لفراق ابنه".