أكد بحث علمي فرنسي أن الوضع الاقتصادي لأبناء المهاجرين في فرنسا لا يوازي اندماجهم في المجتمع، وأن هناك تباينا بينهم وبين الفرنسيين، وأن أبناء الجيل الثاني يجدون صعوبة أكبر للدخول في عالم العمل، ويقبلون وظائف معظمها لا يحتاج إلى مهارات وقد تكون أقل من شهاداتهم العلمية. ورصد البحث الذي أجراه المعهد الوطني للدراسات الديموجرافية "INED"، بالتشارك مع المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية "INSEE"، ظاهرة التقوقع لدى أبناء المهاجرين من شمال إفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى وكذلك تركيا، مؤكدا في نفس الوقت تعلقهم الشديد بفرنسا رغم الصعوبات التي تعترضهم. وشمل البحث الذي اعتمد على مسح واسع النطاق، أجري للمرة الأولى في فرنسا، ونشر تحت عنوان "مسارات وأصول"، حياة 8300 مهاجر من سبعة موجات هجرة متتالية، شهدتها فرنسا في النصف الثاني من القرن الماضي، وذلك بالمقارنة بين نمط حياة المهاجرين، وبين الفرنسيين الأصليين. وفيما يعد البحث رأيا علميا في مواجهة الشكوك حول قدرة فرنسا على استقبال اللاجئين من سورية وأماكن أخرى، أشار الباحث باتريك سيمون إلى أن المعلومات التي تم رصدها تدحض انكفاء المهاجرين من الجيل الثاني، وذلك من خلال النتائج التي تم التوصل إليها، واصفا هذه النتائج ب"غير المتماثلة" لأبناء المهاجرين، لا سيما الحائزين على شهادات علمية عالية، حيث يتمكنون من العثور على أزواج وأصدقاء، بعيدا عن أوساط الهجرة، ولكنهم يبقون ضحايا للبطالة لفترة أطول من غالبية السكان، ويشعرون بالتمييز ضدهم، كما أن التكامل الاجتماعي والاقتصادي صعب بالنسبة لهم. الاهتمام بالتعليم وحسب البحث، فإن الأجيال الثانية من المهاجرين التي تتراوح أعمار أفرادها بين 18 و35 عاما الذين درسوا منذ الطفولة في فرنسا يحرصون على التعليم، حيث إن عدد الفتيات من أبناء المهاجرين الحائزات على الثانوية العامة هن الأكثر بين تعداد السكان العام، وأيضا من نظيراتهن في بلدانهن الأصلية، كل بحسب بلده، وفي حين أن 59 ٪ من أغلبية الشباب الذكور في فرنسا لديهم شهادات علمية، فإن 48 ٪ من المهاجرات يمتلكنها. ويشير البحث إلى أنه بشكل عام فإن 55 ٪ من أبناء المهاجرين هم من خريجي الجامعات الآن.
الاندماج في المجتمع خلص البحث إلى أن 67 ٪ من الذكور من أبناء المهاجرين يتزوجون من أشخاص من غير أصولهم، مقابل 62 ٪ من الفتيات، لكن مؤشرات أكثر إثارة للقلق ظهرت في البحث، وأبانت أن الوضع الاقتصادي لأبناء مهاجري الجيل الثاني لا يوازي اندماجهم في المجتمع الفرنسي، فالعلاقة بين الوضع الاقتصادي والدرجة العلمية ليست نفسه بينهما. وقال البحث إنه بينما ينظر إلى الزواج المختلط كمؤشر على اندماج المهاجرين في المجتمع، إلا أنهم يعانون مزيدا من العنصرية، موضحا أن أن "المديرين التنفيذيين من أصول مهاجرة هم الشريحة الأكبر التي تخضع للعنصرية في ميدان العمل".