من الصعب التكهن بمدى التجاوب مع «اليوم بلا مهاجرين» الذي شهدته فرنسا أمس وتمثل بتوقف المهاجرين وأبناء المهاجرين عن العمل والاستهلاك لإظهار وزن الهجرة وأهميتها على صعيد الاقتصاد الفرنسي. فالتفاعل مع الدعوة التي حرص مطلقوها على عدم اخفاء طابعها السياسي، فردي، ما يجعل من المتعذر الوقوف على حجمه، علماً ان الدعوة انطلقت بمبادرة شخصية من الصحافية المغربية الأصل ناديا المباركي، قبل أن تؤيدها المنظمات الأهلية ونقابات بينها نقابة القضاة. وامتدت الى دول أوروبية بينها اسبانيا وإيطاليا واليونان وألمانيا وبلجيكا. والعنصر الوحيد الملموس في هذا التحرك تمثل في جمع مئات من الأشخاص منتصف النهار أمام مقر بلدية باريس، رافعين شعارات تقول «24 ساعة من دوننا» و «24 ساعة بلا عمل ولا استهلاك». واختير الأول من آذار (مارس) موعداً لهذا التحرك لأنه يصادف الذكرى الخامسة لبدء تطبيق قوانين الهجرة وحق اللجوء في فرنسا في اطار ما وصفته السلطات بالهجرة الانتقائية التي تتطابق مع احتياجات الاقتصاد الداخلي. ويأتي التحرك بعد توقف النقاش على مستوى المدن والمناطق الفرنسية حول الهوية الوطنية، والذي كان أطلق تصريحات ومواقف بعضها لمسؤولين انتقدت عدم انسجام المهاجرين وأبنائهم مع معايير الهوية الوطنية. وإلى جانب اظهار وزن المهاجرين في مجال الاقتصاد، هدفت الدعوة الى التوقف عن العمل والاستهلاك والى التعبير عن استياء الفرنسيين المهاجرين من زيادة التحامل عليهم. وأشارت مسؤولة عن التجمع بيغي دير دير، الى ان المطلوب هو وقف استهداف المهاجرين عبر اظهار دورهم الاقتصادي، وكونهم مصدر ثروة وليسوا مصدر إفقار، وتغيير النظرة عن الهجرة في فرنسا. وبخلاف الدول الأوروبية الأخرى، ليس في فرنسا أي تقدير لحجم الهجرة على المستوى الاقتصادي، لكن الأرقام المتوافرة لدى المعهد الوطني للدراسات والإحصاء والتي تعود الى 2007، تشير الى انهم يشكلون نسبة 8.6 في المئة من اليد العاملة النشيطة. والواقع ان اليد العاملة المهاجرة التي تركزت في بدايات الهجرة الى فرنسا في قطاعات محددة مثل البناء والصناعة والزراعة، شهدت تحولات عبر أبناء الجيلين، الثاني والثالث لأبناء المهاجرين الذين باتوا يتواجدون في كل القطاعات الإنتاجية والخدماتية والإدارية، وعلى مختلف المستويات. ولفت أحد المواقع الإعلامية على الإنترنت الى ان فرنسياً من أصل كل أربعة له جد أو جدة أجنبية، وأن الحكومة الفرنسية تضم وزراء كثيرين من ابناء المهاجرين مثل وزيرة الرياضة راما ياد السنغالية الأصل، وفاضلة عمارة الجزائرية الأصل الوزيرة المكلفة شؤون المدينة وأيضاً وزير الهجرة والاندماج اريك بيسون المولود من أم لبنانية، وحتى الرئيس الفرنسي نفسه نيكولا ساركوزي المجري الأصل.