المحيط التعليمي في مختلف مراحله يعد الجانب الفاعل بعد القيم والبناءات الأسرية في تنمية قدرات الطالب أو الطالبة الفكرية والجسدية، بما يضمن توافق هذين الجانبين بشكل يكرس فيهما العطاء المستقبلي، فجوانب الدعم الرياضي والحركي داخل المنظومة التعليمية تنمي القدرات البدنية وتعطي له الانطلاقة الحقيقية في رسم المستقبل لذاته، مدعوماً بكل ما يتلقاه من برامج تعليمية تربوية في مختلف العلوم، مما يعطينا محصلة ثقافية بناءة في جيل المستقبل الذي سيقود زمام أمور حياتنا في خططنا التطويرية والتنموية في شتى الجوانب، ولا شك أن الإسهام في دعم هذا الجانب لديهما يعزز روح الموافقة ويرفع شعار التنمية المستدامة للوطن. والمحيط الذي نطرق جانبه يجب أن يرتقي بعيدا عن الضغط المؤدي إلى إقصاء الطموح وتكريس الجانب الانكساري في منظومته كونه يتسع ويضم خليطا من الأمور يعمل المتخصص فيها على بلورة السلبيات ومحاولة تحويلها إلى إيجابيات أو تحييدها وتعزيز الإيجابيات وفق برامج وأساليب منظمة وميسرة ومهنية، وينظر للمهددات التي تؤثر في محيطنا التعليمي كوجود أحداث اجتماعية وأسرية تعيق النقلة النوعية في الفكر الطلابي تحتاج لاستدراكات وتعامل فعال مثل اكتشاف حالات العنف بين الطلاب أو الطالبات من داخل محيط المدرسة أو يحصل لهم من الأسرة، فذلك له أثر اجتماعي ونفسي كبير يحتاج إلى معالجته بصورة مهنية، وكذلك الإرهاصات النفسية التي تعترض حالات المتلقي أو الملقن في بيئة التعليم (فالطالب إذا لم تكن حالته النفسية متوازنة مع الحالة الصحية فلن يتقبل التغيير والتعلم، وكذلك المعلم أو المعلمة عندما يقعا تحت ظرف ما أو صراعات أسرية تؤثر على نفسيهما سيكون لها الأثر الأكبر في عدم تقديم الجهد المطلوب في محصلته تجاه واجبه المهني)، ومن هنا يظهر لنا حاجه العمل الاجتماعي والنفسي المتخصص في المساعدة لتحسين ظروف بيئة العمل لبلورة الحركة التعليمية ورصد تباين الثقافات ونمطية المعيشة، فكل هذه المؤثرات تخلق نوعا من الإحباط في مسيرة العملية التربوية، وتحتاج إلى نوعية خاصة للتعامل معها من المتخصصين في معالجتها. إن مما يدعو للاعتزاز ما تعمل عليه وزارة التعليم من استحداث برامج تواكب الحركة التعليمية ومستجدات العصر عبر برامج ذات أبعاد وأهداف تربوية تقدم الحلول لمن يتعرض للضغط الاجتماعي أيا كان لتصحيح المسار والوصول إلى بر الأمان. ومن هذه البرامج المفيدة برنامج (رفق) الذي يبني على الجوانب الاجتماعية وينمي التعامل الإنساني مع قضايا واحتياجات الطلاب والطالبات سواء الفكري أو الاجتماعي أو النفسي، وهذا البرنامج الذي تنتهجه وزارة التعليم لخلق توازن العمل التربوي مع توافر الظروف الصحية (التي يمكن أن نعمل معا في معالجتها حال حدوثها) عبر المختصين والمتعاملين اجتماعيا حتى نصل إلى منتج اجتماعي جيد في مختلف المواقع التعليمية أو الصحية أو الاجتماعية، فرصيد هذا البرنامج هو بث ثقافة التعامل الجيد والعمل على أحقية الرفق والبناء للإنسان وتلمس جوانب الكدر ومعالجتها بشكل اجتماعي يضمن انسيابية العواطف الإنسانية للطالب أو الطالبة، وتخليص ذاته مما قد يعترضه من ظروف قد تفسد حياته وتدمر مستقبله ليعود إنسانا اجتماعيا نافعا وذا قيمه ونتاج مستقبلي بعيدا عن المؤثرات. ومع تنوع ظروف التأثير في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والتعليمية فحري بنا كمختصين في الجوانب الاجتماعية والنفسية أن ندرك ونكتشف هذه الجوانب في البيئة التعليمية أو الأسرية ونصنفها ونعمل على معالجتها، وهذا يبرز في دور المرشد أو المرشدة داخل المدرسة وما يقدمانه من عطاء اجتماعي يتناسب مع الأحداث لمعالجتها بأساليب تضمن تحييد الظروف الخارجية، وتسهيل الصعاب وتوقد الأفكار الإيجابية عند الطلاب، وتعديل السلوكيات الممقوتة واستدراكها بالإيجابيات من خلال البناء التوافقي للمنظومة في مسيرة البناء والاستثمار لعقول جيل المستقبل والعمل بجدية التفاعل لتكون نتائجها ملموسة وركائزها ثابتة بشيء من الرفق الاجتماعي وخلق التوازن داخل المنظومة التعليمية في بيئة تعج بكثير من المتغيرات والأحداث التي تحتم علينا مواكبتها واستثمارها للإسهام في تحجيم أضرارها. و"ما خالط الرفق شيئا إلا زانه وما فارق شيئا إلا شانه".. فعقول أبنائنا تحتاج منا إلى الدعم والاهتمام لتكون مقابيس الدجى في المستقبل القريب.