يعتبر الإرهاب أحد أبرز مهددات المجتمع بما فيه من مكونات وموارد بشرية ومادية وغيرها. وقد فسرت بعض نظريات علم النفس الإرهاب والشخصية الإرهابية والسلوك الإرهابي، وأرجعت ممارسة هذا السلوك إلى عوامل عدة، منها من تكون ذات أصل وراثي كالتكوين الجسمي، أو مكتسبة تعود إلى أساليب التنشئة الاجتماعية، وكذلك الظروف البيئية والاجتماعية، وهناك أيضا دوافع نفسية واجتماعية تؤثر عليه مثل الحاجات النفسية ومطالب الحياة اليومية. وتؤكد الدراسات والأبحاث التي تناولت تحليل سلوك الانتحاريين والإرهابين أن ممارسة مثل هذا السلوك تكون ناتجة عن أزمة نفسية، حيث يتصف الإرهابي بعدم الاتزان، أو اضطراب القدرات العقلية فيما يتعلق بالتفكير المجرد واستخدام المنطق، والشعور بالأنانية، وتقلب المزاج وغيرها من الصفات الأخرى، بحيث يؤدي ذلك إلى الإخلال بسلوك الفرد واضطرابه، وعدم قدرته على التكيف في المجتمع؛ الأمر الذي يجعله يقدم على ارتكاب الفعل الإرهابي؛ تعبيرا عن رفضه لممارسات المجتمع أو السلطة، كما أثبتت أن طريقة تفكير الإرهابين تختلف عن غيرهم من الأسوياء بميلها إلى الانحراف بدرجة كبيرة، فيتصفون بالغضب الحاد المستمر، حتى إن أحدهم تراه يشبه البركان الثائر، مما يدفعه إلى محاولة التخفيف عن الغضب بشكل شعوري أو لا شعوري، وذلك بممارسة سلوك عدواني ضد المجتمع الذي يعيش فيه والبيئة المحيطة به. كما تتصف هذه الفئة بالشعور بالنقص ويرتبط هذا الشعور بنوعين من السلوك الانفعالي ويتمثلان في كراهية الحياة واليأس منها من ناحية، والشعور بالغضب الدفين الذي يجعله ينتقم من الحياة ممثلة في ضحاياها وممتلكاتهم من ناحية أخرى، ومنهم من يبحث عن مجد زائف فيعتبر الجريمة فخرا له ومجدا، وهو سلوك يلجأ إليه من يشعر بعقدة النقص حيث يتباهى بقدراته الإجرامية، ثم يفسر ما قام به من سلوك إجرامي بأنه ضرب من الرجولة التي لا يقدر عليها سوى الأقوياء. ومع ذلك كله يبالغون في التفاؤل، ويقدمون المغريات لصغار السن لشحن نفوسهم تجاه ممارسة هذا السلوك عن طريق إثارة رغباتهم وغرائزهم كزواج بنات الحور بمجرد تفجير هذا الحزام الناسف الذي لا يعلم كم سيسفك من أرواح بريئة بتفجيره. أيضا من أهم مسببات ممارسة هذا السلوك نقص التعليم وغياب الثقافة والبطالة، مما يجعله سهلا للانقياد لممارسة العمليات الإرهابية للحصول على المال وتحقيق الرغبات الذاتية والفردية دون النظر إلى ما يحدث في المجتمع. ولمواجهة هذا الداء لا بد أن يبدأ العلاج من الأسرة ومراجعة أساليب التنشئة الأسرية والاجتماعية ومعالجة البطالة وتكثيف برامج التوعية والتثقيف الدينية والإعلامية والثقافية والتربوية والنفسية، سيّما لمن هم في سن المراهقة، خصوصا عندما ندرك أن شريحة الشباب هم أكثر الشرائح انخراطا في هذه الشبكات الإرهابية، لأسباب تعود إلى تكوينهم النفسي والفسيولوجي؛ الأمر الذي يجعلهم أكثر حساسية إزاء المشكلات الاجتماعية. كما يتطلب الوضع الراهن التفكير الجاد في تأسيس هيئة وطنية تعنى بمكافحة الإرهاب يقوم عليها أهل الاختصاص الشرعي والنفسي والاجتماعي، ممن يمتلكون العلم والمعرفة والحكمة والموضوعية، بحيث تعمل على تنفيذ برامج علمية مدروسة لمواجهة هذا الداء، وتقوم على تصحيح الأفكار لدى من وقعوا في شراكه، مع العمل على إجراء دراسات علمية عليهم، وتعمل على ترسيخ روح المحبة والتسامح بين أفراد المجتمع بمختلف أطيافه.