لم تختف مدينة تدمر أثناء حروب الروم، ولا الفرس، ولا غزوات الحثيين والهكسوس، ولم تتأثر بثلاثة زلازل كبرى ضربت بلاد الشام منذ بنائها، حيث بقيت حاضرة تضج بالحياة في كل العصور والحضارات التي مرت على هذه البلاد، صمدت أمام كل التقلبات المناخية والطبيعية والسياسية والبشرية، وظلت أوابدها شاهدة على تاريخ موغل في القدم. تنقلت بين الحضارات والثقافات، وبقيت في مكانها، تكلمت جميع اللغات واعتنقت جميع المعتقدات، وحافظت على نفسها وخصوصيتها، وهيبة آثارها، احتفظت بمسرحها وأعمدتها الشهيرة، ومعابدها التي تنتمي لحضارات متعددة، ومدافنها التي تحتوي اختراعات مبكرة في الكيمياء والهندسة، وفي فن النحت والرسم. اختيار أسماء النجوم والكواكب انضمت لقائمة التراث الإنساني منذ عام 1980، وتحظى باهتمام عالمي، وهي معروفة في العالم كله باسمها الأصلي "تدمر" أو باسمها اللاتيني "بالميرا". واسمها الأصلي "تدمر" كلمة تعني بالآرامية "التي لا تقهر"، وهذا ما حصل قبل أيام فعليا، فبعدما عاثت "داعش" فسادا في تدمر، وخربت وحطمت آثارها، ونهبت وسرقت وباعت موجودات متحفها، وأعدمت بطريقة وحشية مدير آثارها العالم الشهيد خالد الأسعد، صعدت تدمر إلى السماء، لتدور إلى الأبد حول نجم الراعي، في دلالة بليغة وجديرة بالتوقف والانتباه. ففي هذه الظروف التي تمر بها سورية، والجرائم التي ترتكبها داعش في تدمر تحديدا، أعلن الاتحاد الفلكي العالمي عن مسابقة عالمية لاختيار أسماء لأجرام سماوية مكتشفة حديثا، وهدف الاتحاد العالمي من هذه المسابقة هو أن التقنيات الحديثة (الإنترنت وسهولة التواصل البشري) تسمح أخيرا أن يشارك النوع البشري بكامله في اختيار أسماء النجوم والكواكب التي تحيط بنا، بعد أن كانت هذه المهمة محصورة لآلاف السنين في أشخاص محددين، هم الكهنة في الحضارات القديمة، والعلماء في العصور الحديثة، وقد صار ممكنا الآن أن يصبح هذا الأمر شعبيا يشارك به البشر جميعا. وقد كانت هذه المسابقة مخصصة لاختيار أسماء 14 نجما و31 كوكبا، وقد شارك فيها مليون ونصف المليون مصوت من 182 بلدا في العالم، وكان معظم المشاركين من المختصين والمهتمين بالفلك، وهذا التصويت يشكل خطوة أولى ستؤسس لنمط جديد من علاقة البشر بالعلوم، فمن المؤكد أن التصويت القادم سيشهد مشاركة أكبر فأكبر.
عن نجم الراعي نجم الراعي يبعد عن الأرض 45 سنة ضوئية، وكتلته تعادل أقل بقليل من نصف كتلة الشمس، اللافت في هذا التصويت هو المفارقات الكثيرة التي يحملها، فتدمر عروس الصحراء، والتي تقع في قلب البادية الشامية، وتحيط بها المراعي من كل صوب طيلة قرون، أصبحت كوكبا يدور حول نجم الراعي، والنجم يحمل الاسم ذاته في اللغات الأخرى، فاسمه (Errai) مشتق حرفيا من الاسم العربي. وتدمر التي صمدت في وجه أقسى الظروف، تعاني اليوم الإرهاب الداعشي، ومن خطر اختفاء معالمها بفعل التدمير والنهب والتخريب، تنجو ب"اسمها على الأقل".
حازت تدمر على أعلى نسبة تصويت • 274 اسما مرشحا • 600 ألف صوت ل"تدمر" من كل أنحاء العالم • 45 بلدا رشحت أسماء شملت • علماء • مدن قديمة • شخصيات أسطورية • أسماء مشاهير فاز منها: 19 ترشيحا 6 أوروبا 4 أميركا الشمالية 1 أميركا اللاتينية 6 آسيا والمحيط الهادئ 1 سورية 1 المغرب