لا يختلف اثنان على أن النظام المعمول به في المملكة لا يستثني أحدا ولا يتساهل مع أحد، فالجميع تحت مظلة واحدة وسواسية في الواجبات والحقوق، إلا أن بعض التصرفات الفردية من قبل بعض الموظفين تسيء لجهاز حكومي بعلم -وأحيانا بدون علم- بعض المسؤولين الذين تتناقض تصريحاتهم مع واقع الخدمة التي يقدمونها للمواطنين. ولعل ما تعرضت له مسافرة قبل عدة أيام داخل أروقة مطار أبها دليل على أن بعض الموظفين يسيء لجهازه الحكومي ويصدر قرارات "من رأسه" تتعارض مع أنظمة الدولة وقراراتها، وهو ما يستوجب التصدي لمثل هذه التجاوزات الفردية والتحقيق فيها وإقصاء المتورط من التعامل مع الجمهور. وتبدأ القصة بأن مريضة مجهدة ومتوترة نفسياً من آثار عملية خطيرة أجريت لها في الجمجمة كانت تنهي إجراءات سفرها لحضور موعد طبي مهم في مجمع الملك فهد العسكري بالظهران لعمل أشعة رنين مغناطيسي للاطمئنان على حالتها، وكان موعد رحلتها الساعة السادسة صباحاً، حيث وصلت مطار أبها مع ابنها الصغير في السن، وأثناء دخولها صالة المغادرة طلبت منها الموظفة التي تقوم بإجراءات الأمن خلع الحذاء ووضعه على الجهاز البعيد عن المكان المخصص للنساء، فسألتها عما إذا كان هناك شيء آخر تنتعله لحين الانتهاء من التفتيش، كما هو الحال في معظم المطارات، فنهرتها وبصوت مرتفع، وقالت لها ما عندنا شيء.. وعندما حاولت المريضة المسافرة مواصلة الدخول إلى صالة المغادرة بعد استكمال إجراءات التفتيش وهي صابرة وضابطة للنفس وتمني نفسها وابنها ببعض الراحة في الطائرة تمادت الموظفة في استفزازها، ثم كانت المفاجأة بأنها منعت من السفر. الغريب أن المسافرة وجدت نفسها أمام تصرف غريب وصادم من زملاء الموظفة الذين وقفوا مع زميلتهم بمن فيهم مديرهم، الذي صادف وجوده وحصل كل ذلك أمامه، إلا أنه كان سلبياً ولم يتدخل في الأمر، وبالفعل منعوها من السفر بدون أي مبرر منطقي ودون التفات لوضعها الصحي وما تحمله من تقارير طبية. وأعتقد بل وأجزم أن المنع من السفر مقيد وله إجراءات، وليس سلطة متاحة لكل من أراد أن يضايق ويستفز المسافرين، ومثل هذه التصرفات من تعمد إلحاق الضرر الصحي والمعنوي بالآخرين واستغلال السلطة من بعض العاملين في بعض الأجهزة الحكومية سواء المدنية والعسكرية يجب أن تتم معالجته، كما يجب أن يتم التفريق بين الجهاز الحكومي والموظف الذي يستقوي بسلطته الوظيفية على المواطنين.