أكد مدير معهد المخطوطات العربية في القاهرة الدكتور فيصل الحفيان أن لمخطوطات المدينةالمنورة ومصنفاتها القديمة أدبيات يجب أن يلم بها المحققون والشراح حتى ينجحوا في الحفاظ على قيمتها العليمة وينقلوها لمن بعدهم دون إخلال بقيمتها العلمية، لافتا إلى أن تجاهل أدبيات التحقيق تسبب في طمس معالم المخطوطات والمؤلفات القديمة، مطالباً بإعادة تحقيق بعض المصنفات والمخطوطات التي طالها عبث المحققين الذين عملوا على تحقيق تلك المؤلفات والمخطوطات بعيداً عن أخلاقيات التحقيق فضلاً عن أدبياته. إساءات المحققين قال الدكتور فيصل الحفيان في الندوة التي استضافها برنامج المدينةالمنورة الثقافي بالتعاون مع دارة الملك عبدالعزيز، تحت عنوان "المخطوطات ذاكرة جديدة للمدينة"، وشارك فيها وأدارها رئيس نادي المدينة الأدبي الدكتور عبدالله العسيلان، بحضور عدد من الباحثين بتاريخ المدينةالمنورة: المخطوطات ليس المراد بها النصوص المكتوب بها المخطوط، فقط بل تشمل صفحة العنوان والتمليكات والحواشي والتهميشات والخرجات التي تحيط بنص المخطوط وهي لا تقل أهمية عن النص، إذ تشمل شروح النص وسقطاته وهي التي أهملها كثير من المحققين في شروحهم ومؤلفاتهم، معتبراً تجاهلها من أكبر إساءات المحققين إلى المخطوطات العربية وتعدياتهم على التركات العلمية. وأرجع المحاضر إهمال المحققين للتهميشات والحواشي الجانبية إلى كونها تتطلب جهودا في النقل عنها، لأنها تكتب بخطوط صغيرة ومتداخلة في الصفحات ومن جوانبها الأربعة، وهي أول ما يتعرض للغموض والتلف بحكم موقعها في أطراف المخطوط وتحتاج جهوداً من المحققين لتفسيرها وربطها بمواقع النص الأصلي فيتركها المحققون للاستراحة من مشاق تفسيرها للقراء، مستغنين عن جانب مهم في المخطوطات القديمة. إعادة تحقيق المحقق بين المحاضر الحفيان أن المدينة واحدة من العواصم الروحية الثلاث للمسلمين "مكةالمكرمة، والمدينةالمنورة، والقدس"، تربط علاقة نفسية بينها وبين المسلمين في كل العالم ولعل هذا ما ميزها بأن صب المجتهدون طاقاتهم لحفظ تاريخها ومما ميزها أن أكثر من رصد تاريخها من خير أهلها بغية أن ينالوا شرف قدسيتها وتظل مصدرا للعلم وأنظار العلماء والمؤلفين والمحققين حتى يرث الله الأرض ومن عليها. بدوره، طالب المؤرخ عائض الردادي بحماية المخطوطات من المحققين الذين يشوهون المخطوطات والمؤلفات القديمة بدعوى التحقيق، مشيراً إلى أن رصيد المدينة من المخطوطات يعد الأضخم في العالم العربي انتشارا وشهرة، غير أنه الأكثر عرضة للتشوية على أيدي محققين خاضوا في هذا العلم دون دراية ومعرفة، حتى أصبحوا يهددون نفائس وكنوز المدينة العلمية والتاريخية، مؤكداً في مشاركته أول من أمس أن عددا من المخطوطات والمؤلفات القديمة المحققة تحتاج إعادة تحقيق لتخليصها من سقطات وعبث محققها الأول.