عندما يدخل الشاب في مرحلة حرجة من العمر -غالبا ما تبدأ هذه المرحلة عند سن البلوغ- من خلال التغيرات التي يمر بها في تكوينه الجسمي والنفسي، وأثر البيئة المحيطة به كذلك؛ فهو يحتاج إلى شخص يقف معه ويفهمه، ويكون له القلب الحنون، والدليل الذي يرشده إلى الطريق الصحيح، خصوصا بعدما دخلت علينا في الفترات الأخيرة وسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت جزءا أساسا في حياتنا اليومية، فهذه الوسائل فيها الخير والشر معا، فيها ما يحمده الإنسان وما يعابه، فمن هو -برأينا- الشخص الذي يخاف على الشاب أكثر من نفسه ويستحق أن يكون صديقا له؟ بالتأكيد هو الأب. ينبغي على الأب مصادقة ابنه، والتقرب منه، وصحبته، وفتح الحوار معه، وتأسيس علاقة مفتوحة معه تقوم على الثقة والحب، ليشعر الابن أنه هو الصديق القريب والوفي له، يبوح له بكل أسراره، ويحكي له كل همومه، ويشرح له كل ما يقلقه، حتى وإن أخطأ فمن الأفضل أن يُخطئ وهو بين يدي والده. عزيزي الأب، نعم، إن مشكلات الحياة كثيرة، نعم أنت تشقى وتتعب من أجل أن تؤمّن لابنك أو ابنتك حياة سعيدة، وعيشا كريما، ومستقبلا آمنا، لكن من واجبك أن تعطي ابنك من وقتك كثيرا، وأن تنزل إلى مستوى تفكيره، وأن تشاركه اهتماماته، حتى لو كنت غير مقتنع بها. لكنك تستطيع التقرب منه، وكسب ثقته، وتصحيح ما هو خطأ في حياته، لأنك أنت الذي تعلمه الصواب دون مقابل، ولأنك تحرص عليه، وتصبح له الأنموذج والمثال الذي من خلاله ينتقي صداقاته بحذر، وتكون أولا وأخيرا صديقه المقرب.