استأثرت الصحوة وخطابها، وما تحمله من مضامين، بنقاشات اليوم الأول لملتقى نادي القصيم الأدبي الثامن، الذي يبحث "التاريخ الثقافي للمنطقة"، ففي حين حمّل البعض تلك المرحلة كثيرا من إفرازات التشدد والانسداد الفكري، وقف البعض مدافعا عنها، عازيا سبب إلصاق بعض التهم بها إلى القصور والنقص في التتبع والدراسة. وأكد رئيس قسم السنة في جامعة القصيم الدكتور خالد أبا الخيل أن إقامة المحاضرات والندوات خلال بداية مرحلة الصحوة في المسجد مع تنوعها وتباين مضامينها دينيا وفكريا وثقافيا تعد أحد أبرز الإشكالات التي وقعت فيها الصحوة، حيث حُرم كثير من المعارضين لها ولخطابها من أحقية النقد أو الاحتجاج والرفض، بسبب ما ترمز له قيمة المسجد، وقناعة المجتمع بأن ما يتم طرحه في ذلك الحين في المساجد هو أمر مقبول ومسموع، في حين جاء حديث أستاذ التاريخ بجامعة القصيم الدكتور سليمان العودة مدافعا عن الصحوة ومبرئا لساحتها من بعض التهم التي جعلتها سببا في ظهور تيارات التشدد والتكفير في الوقت الحالي. مغامرة الدكتور خالد أبا الخيل أشار في ورقته "إشكالات الخطاب الصحوي: قراءة فكرية في السمات والخصائص" إلى أن الحديث عن الصحوة "مغامرة" كون الكثير من الدراسات المطروحة عنها دراسات موجهة، مؤكدا أنها أهم حدث فكري عصف بالمجتمع السعودي في العصر الحديث، مستعرضا عددا من الإشكالات التي حملها الخطاب الصحوي، من أبرزها إقامة المحاضرات والندوات بتنوع مضامينها في المساجد، وهو الأمر الذي منع المخالفين والناقدين من المشاركة في ذلك الحراك، خوفا من رفض المجتمع لهم، باعتبار أن ما يتم طرحه وتناوله في المساجد – في ذلك الحين – أمر يصطبغ بصبغة دينية، وله حصانة شرعية، يحرم المساس به. تدين بالمظهر كما بين أبا الخيل أن ربط مفهوم التدين بالمظهر والشكل في الخطاب الصحوي إشكال أفرز حالات من الانتكاس والنكوص الفكري، وأوجد جيلا يعاني "انسدادا فكريا"، لأنه يرفض طبيعة التحول والتبدل التي يراها ارتدادا ورجوعا. وأضاف أن التوجس والريبة اللتين يحملهما الخطاب الصحوي أمام أي حالة تغيير أو تحديث، يعدان من أبرز إشكالات تلك المرحلة، حيث أفرزا تطورا خطيرا تمثل في الانسداد الفقهي، الذي تجلى خلال فترة انقطاع رموز الخطاب الصحوي بالمنع أو السجن. وجاءت جلسات اليوم الأول للملتقى الثقافي الثامن لنادي القصيم، التي أقيمت في فندق موفنبيك ببريدة صباح أمس، متناولة مظاهر الحركة العلمية والدعوية في بريدة، خلال النصف الثاني من القرن ال14 الهجري، حين استعرض الدكتور سليمان العودة أثر حلق التحفيظ، والمكتبات، ومجالس العلماء، وغيرها من مظاهر التعلم، التي أسهمت بشكل مباشر في تشكيل الحراك المعرفي لبداية النهوض الثقافي للمنطقة. تأثر وتأثير وجاءت ورقة الدكتور أحمد البسام لتكشف تباين التأثر والتأثير في الحركة العلمية للمجتمع القصيمي خلال القرن ال13، حيث حصر ألوان التأثر بالتصوف أو معارضة دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب. كما ناقش سالم العمري في ورقته الحركة العلمية والتعليمية بمنطقة القصيم، وعلاقتها بالاتجاهات الثقافية والفكرية، في حين استعرض الدكتور سليمان العثيم مدارس الكتاتيب وأثرها في تأصيل الحركة العلمية والأدبية في المنطقة، وإفراز تلك البدايات لمرحلة أعمق وأكثر تأصيلا، تمثلت في بروز عدد من طلاب العلم الذين جابوا بلاد الشام والعراق ومصر، للتزود والاستعلام الشرعي والفقهي. الجلسة الثانية شارك فيها الدكتور عبدالله البريدي في قراءة الصور النمطية للشخصية القصيمية، تناولها عبر ثلاثة مصادر هي كتب الرحالة، ونتاج المثقف، والنكتة والطرفة، في حين استعرض الدكتور عبدالعزيز المشيقح تأثير أرياف القصيم في أنماط الثقافة في مدينة بريدة. واختتم الدكتور عبدالله المرزوق جلسات اليوم الأول بالحديث عن مشروع معجم المؤلفين في منطقة القصيم.