أشد أنواع الحروب ضراوة هي حروب الفكر والمعتقدات الخاطئة، ولأن الفكر لا يواجه إلا بفكر، بادرت الحكومة بخطوات حثيثة لغرس الوعي المجتمعي ضد "الأفكار التكفيرية المدمرة" الإقصائية الخانقة للحياة للحيلولة دون استفحالها، الفكر المتطرف المتشدد المتشبث برأيه مشكلته الحقيقية تكمن في قدرته بشكل مهول على جذب عناصر لتنفيذ أجندته ورؤاه عبر العاطفة الدينية بغسل أدمغة صغار السن والتغرير بهم وإيهامهم بأنهم الطريق الأوحد للجنة، معادلة معتنقي الفكر القاعدي وابنه غير الشرعي داعش ببساطة التكفير ثم القتل ثم الالتقاء ببحور جنات السماء، عقول مُغيّبة سمحت لشياطين الإنس بحشوها بالكراهية والسواد حتى أصبحت مكائن موت. جميعنا يعلم جيدا بأن بعض أصحاب هذا الفكر المتطرف نشأوا بيننا وأكلوا من خيرات هذه البلاد الطاهرة حتى استطاعت قوى الظلام أن تغويهم لينساقوا خلف أوهام شيطانية ستقودهم إلى الجحيم، نحن بكل أسى نتشارك معهم فيما وصلوا إليه، صمتنا كان جريمة كبرى سنحاسبُ عنها ذات يوم أمام الله، ذلك الأب الذي يعلم جيدا بأن ابنه غير سوي الفكر والمعتقد وبأنه ناقم على الحياة ومع ذلك لم يبادر بالإبلاغ عنه للحفاظ على سلامته أولا وللحيلولة دون مشاركته في عمل إرهابي ثانيا وقتل آمنين، وتلك الأم التي انتصرت غريزتها الحانية لتحمل شتائم ابنها للباسها وعملها لتصمت وهي موقنة بأنه داعشي الفكر ولكنها صمتت حتى قتل ابنها أخيها وأنهى حياته بحزام ناسف وخسرت الاثنين معا، لنتخيل معا الآن كل المحيطين بنا هل ترى ما يقلقك مما يحمله بعضهم من توجهات وأفكار متطرفة، بادر بالإبلاغ لأنك لا تعلم قد تكون ضحيته القادمة، الوطن استشعار مسؤولية ومفهوم شمولي للبقاء والمكافأة التي تهبها الجهات الأمنية للمبلغين عن خناجر الموت تشجيعية فقط لأن الوطن وأمنه أعظم من كنوز الدنيا.