بعض عائلاتهم غيرت أرقام هواتفها تجنبا للملاحقة، والأخرى تصر على رفضها تسلم أبنائها، حالة مأساوية يعيشها نحو 400 من نزلاء مستشفى الصحة النفسية في الطائف المعروف باسم "شهار"، نتيجة نبذهم من أوساطهم العائلية، أقدمهم شخص قضى 48 عاما في المصحة. القائمون على شهار يحاولون قيادة حملة يسعون من خلالها إلى تغيير نظرة المجتمع تجاه من يتعالجون من الأمراض النفسية، واختير لها اسم "هم منا، المريض النفسي ليس مكانه المصحات النفسية". وفي مسعى إلى إلهاء النزلاء عن حالة الغربة التي يعيشونها، أقام شهار خيمة رمضانية تتضمن إفطارا جماعيا للنزلاء والعاملين في المصحة، ضمن المجهود النفسي الذي تقوده لدمجهم في المجتمع. فيما قضى أقدم نزيل في مستشفى الصحة النفسية في الطائف 48 عاما بعد أن رفض ذووه استلامه أو حتى زيارته، وأكد المستشفى وجود نحو 400 نزيل آخرين تنصلت أسرهم منهم ورفضت استقبالهم أو زيارتهم حتى في المناسبات العامة مثل رمضان والعيد. وأوضح مدير المستشفى الدكتور عبدالسلام العمري أن "المستشفى يقدم للنزلاء عددا من البرامج والفعاليات حسب جداول زمنية محددة، للمحافظة على العادات والتقاليد والسلوكيات الاجتماعية التي ربما يفتقدونها مع طول بقائهم في المستشفى، ومنها تدشين حملة بعنوان "هم منا، المريض النفسي ليس مكانه المصحات النفسية"، بهدف توعية المجتمع بكيفية التعايش مع المريض النفسي، وتعد أهم طرق العلاج النفسي التي يستطيع بها المريض أن يتعايش ويكون عضوا فعالا في المجتمع، بالإضافة إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى أفراد المجتمع عن المرضى النفسيين". وأضاف أن "المستشفى أقام خيمة رمضانية تنفذ بها طوال أيام الشهر عددا من البرامج الثقافية والدينية، ودوري رياضي مشترك بين العاملين في المستشفى والمرضى، إضافة إلى إقامة إفطار جماعي شارك به المرضى وبعض ذويهم". وأكد الدكتور العمري "وجود نحو 400 نزيل وضعهم الصحي مستقر، ولكن أسرهم رفضت استلامهم، فمنهم من غير جواله، ومنهم من أعطى بيانات خاطئة عند إدخال المريض المستشفى، ومنهم من يرفض الحضور نهائيا". وأوضح أن "قسم التوعية الدينية والخدمة المجتمعية وتسجيل المرضى يقوم بدور كبير في متابعة هذه الأسر، ومحاولة إقناعهم بدمج المريض النفسي داخل محيط الأسرة، وتثقيفها بكيفية التعامل معه أثناء وجوده في المنزل". ولفت الدكتور العمري إلى "وجود برنامج خاص بالطب المنزلي تابع للمستشفى ومؤهل بفريق نفسي ذو كفاءة عالية، يقوم بزيارة المرضى في منازلهم بشكل دوري ومتابعة صرف الأدوية لهم، وتوفير حاجاتهم دون تكبد عناء الحضور إلى المستشفى". من جهته، بين مدير إدارة التوعية الدينية بالمستشفى محمد النمري أن "الطاقة الاستيعابية للمستشفى تبلغ 670 سريرا، ومن بين النزلاء المستقر وضعهم 228 نزيلا من خارج محافظة الطائف، وأصبح الآن في مناطقهم مستشفيات للصحة النفسية، ولو تم تحويلهم للمستشفيات القريبة منهم واستقبلهم أهاليهم لكان ذلك من طرق العلاج النفسي لهم". وأكد أن "إدارة الخدمة الاجتماعية والتوعية الدينية بذلت جهودا كبيرة في إقناع ذوي المرضى الذين يرفضون استقبال مرضاهم، مبينين لهم أن المريض النفسي يشبه المصاب بأمراض مزمنة مثل السكر والضغط وأمراض القلب لا تنتكس حالته إلا إذا انقطع عن العلاج، كما أن هناك برنامج الزيارة الذي يسمح فيه للمريض النفسي بزيارة ذويه لمدة محدده حسب طلب ذويه تمدد أيضا حسب الطلب لدمج المريض مع أسرته".