يحرص المبتعثون المتزوجون على البحث عن أقرانهم والسكن بجوارهم في الحي نفسه، ولعل المناسبات الدينية من أهم الأسباب التي تدفعهم إلى ذلك. ويبدأ كثير منهم في البحث عن أصدقائهم وفي أي حي يسكنون وذلك من أجل الاقتراب أكثر منهم، حيث يتسنى لهذه الأسر زيارة بعضها في الأيام العادية وكذلك المناسبات والأعياد. ويشرح مبتعثون كيف أن أسرا سعودية من مناطق شتى جمعتهم أجواء شهر رمضان المبارك على مائدة واحدة، ويتنافسون على أجر إفطار الصائم وتعميق المحبة فيما بينهم والتآلف، والتنفيس عن بعضهم من الغربة والبعد عن الأهل والوطن، وذلك في مشهد يتكرر يوميا تتقاسم فيه الأسر مسؤوليات تجهيز الإفطار وتحضير السفرة الرمضانية في أجواء مفعمة بالمحبة. ويقول المبتعث ياسر حامد الهذلي، وهو أحد المغتربين في الولاياتالمتحدة لدراسة القانون الدولي، إنه فضل اصطحاب زوجته برفقته لتعلم اللغة الإنجليزية وعلوم الحاسب وأقاما في ولاية فلوريدا حيث شاءت الأقدار أن يقيم في أحد الأحياء التي يكثر فيها المغتربون السعوديون، ومع إطلالة الشهر الفضيل قرر مجموعة منهم أن تتناوب كل أسرة على تقديم الإفطار في يوم من أيام الشهر الفضيل. وأضاف: شهر رمضان سيكون راسخا في ذاكراتي لما فيه من الذكريات والمواقف الأخوية والأسرية الرائعة، فعقب صلاة العصر من كل يوم تجتمع السيدات في بيت إحدى الأسر ويتولين مساعدة ربة البيت في التجهيز والإعداد للإفطار، وتحاول كل منهن أن تثبت مهاراتها في طبخة معينة، فيما يحضر الرجال عند اقتراب موعد أذان المغرب لتناول الإفطار. وأكد أنهم بعد تناول الإفطار وأداء صلاة المغرب تبدأ جلسة تناول الشاهي التي تستمر لنحو الساعة وربما أكثر، حيث يتناول الحاضرون الحكايات والمواقف التي مرت عليهم في غربتهم، ولا يخلو الحديث بطبيعة الحال عن ذكريات شهر رمضان في المملكة. وتابع "كوني أحد أبناء مدنية الطائف، يعتصرني الحنين والشوق دائما إلى هذه المدينة بطبيعتها السياحية وخضرتها وأجوائها الساحرة التي فتحت نظري عليها منذ أن جئت إلى الدنيا، بالفعل أنا أفتقد شهر رمضان هنا". من جانبه، ذكر المبتعث عبدالله حمدان الغامدي الذي يدرس في مجال هندسة المعادن وتصاحبه أسرته في أميركا حاليا أنه كان يحمل هم الإفطار والسحور خلال شهر رمضان، وذلك لأنها المرة الأولى التي يصوم فيها وأسرته خارج المنطقة الشرقية، غير أن اقتراح جيرانه من الشباب السعوديين سهل عليه الأمر حيث تبنت السيدات مهمة الاجتماع في أحد المنازل وتحضير الإفطار الذي لا يخلو من الوجبات والأكلات الشعبية. وأضاف "مثل هذا الطعام يفقدك الحنين إلى الوطن، بالإضافة إلى الأجواء التي ننعم بها هنا، ففي الحقيقة الشباب هنا لم يدعونا نشعر لوهلة أننا غادرنا الوطن، على الرغم من أنهم ليسوا من منطقتي وترجع أصولهم لمناطق عدة في المملكة إلا أنهم من أكثر الناس أدبا وخلقا وتعاملا".