تحتفظ ذاكرة الكاتب عضو مجلس الشورى سابقا نجيب الزامل بذكريات رمضانية جميلة، استعاد جزءا منها في هذا الحوار السريع الذي أجرته معه "الوطن"، وحاولت الغوص في ذاكرته ليستعيد شيئا من الذكريات الرمضانية في العصر الجميل: ماذا تحمل ذاكرتك عن رمضان؟ ما تزال عالقة في الذاكرة، ذكريات المدينة العمالية في رأس تنورة التابعة لشركة أرامكو السعودية، حيث كنت أقيم أنا وأسرتي فيها إبان عمل والدي فيها، وكان هناك نوع من الانفتاح وتبادل الثقافات في شهر رمضان، لاسيما أن في المدينة العمالية كثيرا من الجاليات المسلمة من مختلف دول العالم، وكنا نعرف عادات وتقاليد ولغات كل الجاليات المسلمة في شهر رمضان، وكنا نتبادل الأطباق والأكلات بين أهالي المدينة العمالية. هل تتذكر شيئا من تفاصيل قصتك مع صوم اليوم الأول؟ صمت أول يوم في رمضان عندما دعتني جدتي رحمها الله "رقية الخنيني" إلى الصيام، وكان عمري في العاشرة، وكنت وقتها مريضا وهزيلا وشجعتني على الصيام بقولها "إذا حدث لك شيء ولم تستطع إكمال صيامك سآخذك إلى الطبيب ليساعدك ويصرف لك علاجا"، إلا أنني تحاملت على نفسي وصمت اليوم الأول والثاني والثالث، وكدت أموت من العطش بعدما علمت أن أبناء الجيران مما هم في سني صائمون، وفي اليوم الثالث تعبت وأخذتني جدتي إلى المستشفى حيث تنومت ولم أكمل صيام الشهر إلا في آخر ثمانية أيام منه بعدما تعافيت. ما الذي كان يدفعك كطفل إلى الصوم وأنت في ذلك السن؟ كنا في ذاك الزمان في السعودية وتحديداً في المدينة العمالية في رأس تنورة أكثر تحررا، ولكن الوازع الديني كان موجوداً، وكان هناك حرص وتشجيع من أسرتي بأن نقوم بواجباتنا الدينية كمسلمين ونحن أطفال، وكان ذلك دافعا لنا إلى الصيام في مثل ذلك السن. ماذا تتذكر أيضاً عن رمضان في مرحلة الشباب والصبا؟ جزء من الطفولة والمراهقة عشتها في المدينة العمالية في رأس تنورة، وكانت شبيهة بمرحلة الطفولة، أما مرحلة الشباب والصبا فعشتها في الدمام بعد انتقالي لدراسة المرحلة الثانوية هناك في المدارس الأميركية، وعند انتقالي أنا وأسرتي إلى الدمام بدأ ما أسميه الصيام التقليدي في رمضان، حيث كنا لا ننام بعد صلاة الفجر ونقوم بقراءة القرآن حتى موعد الدوام للمدرسة في حين لم يتغير موعد الدوام عن المعتاد ولا يوجد ما يسمي دوام رمضان، ونعود من المدرسة بعد الظهر ونأخذ قيلولة بسيطة، وقبل الإفطار بساعة يقوم الشباب الصغار بتوزيع الأطباق على الجيران، وبالليل كنا نجلس في الطعوس القريبة من الدمام بعد صلاة التراويح، ومن هذا الوقت بدأ اهتمامي بعلم الفلك، وقمت بشراء أول تلسكوب وأول كتاب عن الفلك. ماذا كنتم تعملون في ليالي رمضان؟ كنت مولعا بالقراءة منذ الصغر، وكنت أقضي وقت فراغي في رمضان وغيره في القراءة، أما شباب جيلي، فكانوا يقضون وقتهم في "البراحة" في "الفريج"، يقومون بتقسيم "البراحة" إلى ملاعب طائرة وقدم وسلة من خلال قطة من عيال "الفريج"، وأنا كنت أقط معهم ولا ألعب مع أني لاعب "مهاري"، لكن الكتب والقراءة أخذت نجيب اللاعب، أما في الوقت الذي بين ساعة الإفطار وصلاة التراويح تكون الجلسات عائلية مع الأعمام والخوال، ونستمتع بقصص الماضي. ماذا عن رحلتك مع الدراسة في رمضان؟ جميع مراحل دراستي كانت في السعودية، وما كان في الخارج كان عبارة عن دورات خارجية، وصمت رمضان في أميركا وفي بريطانيا وكذلك صمت في منطقة كان فيها الليل ثلاث ساعات في رحلات الدورات العملية، وكنا نفتقد للمّة العائلة على سفرة الإفطار وأكلاتنا الشعبية في رمضان والأجواء الروحانية في الشهر الفضيل. ماهو برنامجك ككاتب ومثقف في رمضان؟ وصل الحب بالقراءة والكتب إلى مرحلة الإدمان، فأستغل وقتي بقراءة كتب نوعية في رمضان، وأقوم بكتابة نفحات رمضانية سواء عبر حسابي في تويتر أو في الصحف التي أكتب فيها. ما هي أكثر المواقف التي لا تزال عالقة في ذهنك في رمضان؟ ضحك .. وقال في المرحلة الابتدائية سهوت وأنا صائم وأكلت "علك"، فرصدني معلمي جاسم الأنصاري وانزعج من تصرفي في نهار رمضان وأنا الطالب النجيب والمتفوق، وأمسك بزمام ثوبي و"هزأني" على هذا التصرف أمام زملائي، وهذا الموقف مازال عالقاً في ذهني، ومنه كرهت "العلك". كلمة أخيرة تقولها للصائمين؟ ابتعدوا عن التلفزيون في شهر رمضان، فهو أكبر سارق لرمضان.