يقول الناقد عبدالله النعيمي إنه في كثير من الدول الغربية التي تحترم رسالة الإبداع ومنها الولاياتالمتحدة الأميركية وكندا ودول الاتحاد الأوروبي، انتشرت لافتات تقول باختصار "توقف عن جعل الأغبياء أشخاصا مشهورين"، فالدفع بالتافهين إلى واجهة العمل الاجتماعي والإعلامي هو جريمة بحق الأجيال الناشئة، ليست من وجهة نظر النعيمي فقط بل من الجميع. ولو أخذنا جولة مطولة على حسابات المشاهير الجدد في مواقع التواصل الاجتماعي، لوجدنا أنها تشترك في سمة واحدة هي اعتمادها بشكل رئيسي على صناعة التفاهة، أو ما يمكن أن نطلق عليه باللهجة العامية "الاستهبال". اقفز.. ارقص.. اصرخ.. اصدر أصواتا غريبة تكلم بكلام لا معنى له، خالف قيم المجتمع، استفز مشاعر الآخرين، وتأكد أنك ستشتهر، وستجد من يصفق لك، وبعد أن يتجاوز عدد متابعيك المليون ستنهال عليك عروض الاستضافة في وسائل الإعلام والمهرجانات والمنتديات، إلى آخر ما جاء في تلك المقالة التي خرجت من وعي مستنير لناقد استثنائي. صدق الرجل وأجاد فيما قال، فما هو شهر رمضان المبارك قد حل، وأيضا حلت المسلسلات الدرامية والبرامج التلفزيونية التي يقال إنها "رمضانية"، لتنحدر معها الأخلاق إلى القاع، ولعل هذه القناعة ليست نابعة من مجرد انطباعات، فقديما قيل "اللي هذا أوله ينعاف تاليه". قبل أن يظهر هذا الشهر انتشرت الفيديوهات المروجة للأعمال الدرامية والتلفزيونية، من ضمنها إعلانات لممثلين اعتقدنا لفترة من الزمن بسبب ترويج الإعلام لهم أنهم فنانون واكتشفنا لاحقا أنهم ليسوا أكثر من مهرجين، يدعون تقديم الكوميديا، وتحول هؤلاء بين ليلة وضحاها إلى مقدمين في مجال الإعلام التلفزيوني ويقدمون برامج وبعضهم يتقمص دور المحقق "كونان"! ليتهم لم يفعلوا ذلك لكان أسلم لهم وربما ينالهم الوصف الذي ذكره ناقدنا في بداية هذه الزاوية. النفس تتوق إلى الإبداع والفن الرائع الذي يقدم رسالة سامية تحمل مضامين جادة. هل تتذكرون معي على سبيل المثال "أصابع الزمن"، و"ليلة هروب" تلك المسلسلات الذي أنتجت بموارد متواضعة جدا وتعاقبت من بعدها أجيال وأجيال؟ كيف لا زالت راسخة في ذاكرة أبناء جيلي، رغم ما لها وما عليها؟ بالفعل لم تكن قلة الموارد والإمكانات مبررا لها لتسقط في وحل التفاهة.