على الرغم من تراجع سوق الأسهم السعودية خلال ثلاثة الأيام الماضية، بالتزامن مع بدء تداول المستثمرين الأجانب، حيث أنهى مؤشر السوق جلسة أمس الأربعاء، على تراجع طفيف بنقطة واحدة مغلقاً عند 9543 نقطة، وسط تداولات بلغت قيمتها الإجمالية حوالى 4.8 مليارات ريال، بعد أن أغلق أول من أمس بتراجع أيضا نسبته 0.2 % مغلقا عند 9545 نقطة، إلا أن خبراء اقتصاديين ومحللين ماليين أكدوا أن الأثر الإيجابي لفتح السوق للأجانب لن ينعكس على السوق مباشرة، معتبرين هذه الخطوة نقلة نوعية سيتضح تأثيرها على المدى القريب والمتوسط، قدروها بعام واحد. وقال المحلل المالي محمد الشميمري ل"الوطن" إن دخول المستثمر الأجنبي في السوق السعودية يعد نقلة نوعية، إلا أن ذلك الأمر يحتاج للوقت حتى يمكن معرفة الصناديق التي يدخل فيها المستثمرون الأجانب، وكذلك معرفة ترتيب أوراق المستثمرين في السوق السعودية، مشيرا إلى أن كل الشروط تعد محفزة للمستثمر الأجنبي كإتاحة التداول الفوري "T+0" والذي يعد ميزة لا تتوفر في الكثير من الأسواق. وقال الشميمري إن الأهداف المحققة من دخول المستثمر الأجنبي تتمثل في تعميق السوق وتفعيل دور المؤسسات المالية وزيادة الأبحاث على الشركات المدرجة، وكذلك زيادة الشفافية ومتطلبات الإفصاح بالنسبة للشركات، وأيضاً وضع السوق ليكون مؤشرا هاما، كمؤشر مورجان ستانلي العالمي للأسواق الناشئة، متوقعا رؤية أثر هذه الأهداف على السوق السعودية خلال عام من الآن وهو المدى القصير المتوقع لرؤية النتائج منذ دخول الصناديق الأجنبية للسوق السعودية. وأوضح الشميمري أن من الآثار الإيجابية في السوق السعودية أن للمستثمر الأجنبي ما للمستثمر المحلي من حقوق، إضافة إلى أن الضريبة ليست كبيرة على التوزيعات ولا تتجاوز 5% بعكس الأسواق الأخرى كالأسواق الأميركية التي تصل الضريبة فيها إلى 30%، مشيرا إلى أن الشركات الأجنبية تنظر إلى اعتبارات عدة حاليا قبل الدخول في السوق من أهمها التوقيت حيث لم يتبق سوى 15 يوما على انتهاء نتائج الربع، ويكون هناك ترتيب أوراق النصف الثاني من السنة مع انتهاء النصف الأول. من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي ماجد الشبيب ل"الوطن" أنه لا علاقة لفتح السوق أمام المستثمرين الأجانب، بتداولات الأيام الماضية، مشيراً إلى أنه يجب على المتداول أن يكون على دراية بأن المؤسسات المالية لن تقوم بالاستثمار بصورة عشوائية أو مندفعة خاصة وأن هناك أسبابا من خلالها لن تقوم المؤسسات بالدخول بشكل واضح على المدى القصير. وذكر الشبيب أنه يجب الأخذ بالاعتبار بعض شروط الهيئة لقبول المؤسسات الأجنبية كشرط ال 18 مليار ريال، وهو ما يعني أنه لن تدخل إلا المؤسسات الكبرى، وبالتالي لن تدخل بشكل سريع وإنما ربما يظهر أثرها على المدى الطويل. وعن أثر انعكاس دخول المستثمر الأجنبي في السوق السعودية على الأسواق الخليجية الأخرى، قال الشميمري: "كثير من الأسواق الخليجية شهدت دخول المستثمر الأجنبي لها إلاّ أن السوق السعودية تعد أقواها من حيث السيولة والقيمة السوقية للشركات المدرجة، وكذلك في صافي الدخل والانتشار العالمي أيضان وهو من أقوى الأسواق المالية على المستوى المحلي وكذلك على مستوى الشرق الأوسط. وأوضح الشبيب أن المستثمر الأجنبي سيستهدف الشركات ذات العائد والنمو ولكن ذلك لا يعني أن بعض السيولة لن تتوجه لشركات مضاربية، فكل الأهداف موجودة ومتاحة للمستثمر الأجنبي، مضيفا: "لكن بلا شك الجزء الأكبر سيتوجه لشركات العوائد والتوزيعات، خصوصا أن هناك شركات في قطاعات عدة تعد ذات توزيعات مجزية إذا ما تم مقارنتها بمؤشرات عالمية أخرى، مبينا أن تنظيم هيئة سوق المال للاستثمار الأجنبي يحد من دخول سيولة ساخنة، إلاّ أن ذلك لا يعني أنه يلغي وجود أموال ساخنة تدخل مضاربيا. وكان رئيس أسواق الشرق الأوسط وشمال افريقيا والأسواق العالمية في بنك أوف أميركا ميريل لينش هوتان يازهاري، قد ذكر في لقاء متلفز، أن دخول الأجانب إلى السوق السعودية قد لا يحصل على المدى القصير، مؤكدا أن دخولهم سيأتي في مرحلة لاحقة ربما، وتحديدا بعد إدراج السعودية على مؤشر "MSCI" للأسواق الناشئة الذي يتوقع تدفّق ما يقارب 27 مليار دولار إلى السعودية نتيجة لهذا الإدراج المحتمل. وأكد يازهاري أن فتح السوق السعودية أمام الأجانب سيعزز من حضور المملكة على خارطة الاستثمارات الدولية، وسيساعد في تحسين حوكمة الشركات السعودية وشفافيتها في العمل.