في الوقت الذي أكد فيه تقرير اقتصادي متخصص قدرة الاقتصاد السعودي على تحمل أعبار التراجع في أسعار النفط خلال الأعوام القليلة المقبلة، أكد على ضرورة تحقيق الاستدامة المالية والبيئية، والمحافظة على الموارد في المملكة على المدى البعيد وتكثيف الجهود فيما رسمته حكومة المملكة من خطط لتنويع مصادر الدخل. وقلل تقرير أعده معهد المحاسبين القانونيين في انجلترا وويلز ICAEW، وخص "الوطن" بنسخة منه أمس، من تأثير تراجع أسعار النفط على النمو الاقتصادي في المملكة، على المدى المتوسط، وذلك نتيجة لقرار الحكومة بتخصيص أموال إضافية للأنشطة الاجتماعية مثل التعليم، حيث ارتفعت نقطة التعادل السعرية للنفط الخام من 75 دولارا في 2009 إلى 90 دولارا في 2015. وذكر التقرير أن المملكة استثمرت بشكل كبير طوال السنوات الماضية في التعليم، والزراعة، والقطاع المصرفي والمالي، من أجل تقليل اعتمادها على النفط، فيما أعلنت أخيرا عن منح الأجانب نفاذا مباشرا للتداول في السوق المالية ابتداء من منتصف يونيو 2015، الأمر الذي يعد قفزة نوعية وجديرة نحو الارتقاء بأسواق الأسهم الإقليمية. ورجح التقرير أن تجتذب هذه الخطوة عددا من المستثمرين الذين يرون إمكانات واعدة في الشركات العريقة في المملكة، وتعداد سكانها المتنامي من الأثرياء. وأوضح التقرير الذي قدم لمحة عامة حول الأداء الاقتصادي للمنطقة، وتقييما فصليا لمنطقة الشرق الأوسط، مع التركيز على الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى مصر، وإيران، والعراق، والأردن، ولبنان "التي يشار إليها اختصارا ب GCC+5"، أنه يمكن لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي أن تغتنم موجة التراجع في أسعار النفط من أجل تبرير خفض دعم الوقود، خصوصا أن تناقص الإيرادات الحكومية سيفرض ضغوطات وقيودا أكبر على الإنفاق، مشيرا إلى أنه في حال إلغاء دعم الوقود خلال الفترة التي تتهاوى فيها أسعار النفط، ستكون تداعيات التضخم أقل وطأة وتأثيرا على السكان. كما لفت التقرير إلى أن المملكة العربية السعودية تمتلك حاليا أعلى معدلات دعم الوقود كنسبة من إجمالي الناتج المحلي بين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تصل إلى 3.8% من إجمالي الناتج المحلي في 2015. وقال "سكوت كورف" المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين والمدير المساعد في مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال (Cebr): "لا شك في أن المملكة العربية السعودية تمضي قدما وعلى الطريق الصحيح لتنويع اقتصادها، لكن في ظل الموجة المستمرة لانخفاض أسعار النفط، لا بد من اتخاذ المزيد من الإجراءات لحماية الاحتياطات المالية للمملكة على المدى المتوسط، كما أن التغيير الأخير الذي شهدته السعودية في مناصب الحكم سيكون عاملا هاما للمتابعة والرصد من حيث كيفية تأثيره على مسار السياسات المستقبلية للمملكة".