حذّر معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز الدول الخليجية من تداعيات الانخفاض المستمر في أسعار النفط، إذ إنها قد تُلقي بضغوطات لا يُستهان بها على اقتصادات دول الخليج العربي، كما أنها ستؤثر قطعاً على النمو الحقيقي لإجمالي الناتج المحلي بالدول الخليجية ما لم تُتّخذ خطوات جادة بخصوص سياسات التنويع الاقتصادي في أسواق المنطقة. وتوقع التقرير الذي جاء تحت عنوان رؤى اقتصادية أن تواجه اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي تبعات رئيسية من جرّاء هبوط أسعار النفط مع اعتمادها الكبير على الصادرات السلعية. ووفقاً لصندوق النقد الدولي وأسعار النفط المتوقعة لبلوغ نقطة التعادل في 2015، تُعاني البحرين وعُمان من ضغوطات هائلة، إذ تحتاجان إلى أسعار 116 و108 دولارات للبرميل على التوالي لتحقيق التوزان بين الإيرادات والمصروفات في الموازنة العامة. وتتمتع كلّ من المملكة وقطر والإمارات والكويت بوضع أفضل، نظراً لنضوج أنظمتها المصرفية المحلية وتطوّرها، ونفاذها إلى الأسواق الدولية على نطاق واسع، بالإضافة إلى صناديق الثروات السيادية الضخمة التي تحقّق عوائد استثمارية مرتفعة للغاية. ومن المحتمل أن يتم خفض مستويات الإنتاج استجابة لتراجع الأسعار، تماماً كما فعلت المملكة فيما مضى، ومع ذلك فإن خطط الإنفاق المُقترحة في ضوء أسعار نقطة التعادل تفترض أن معظم دول مجلس التعاون الخليجي المُصدّرة للمنتجات الهيدروكربونية ليس لديها المرونة لتحتمل الانخفاض المستمر سواء في الإنتاج أو العوائد. وتعليقاً على التقرير يقول مايكل آرمسترونغ المدير الإقليمي لمعهد المحاسبين القانونيين في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا "يتّضح من ضعف أسعار النفط مدى أهمية أن تنمو الاقتصادات بعيدة عن الاعتماد الكلي على السلع. ومن خلال الاستمرار في التركيز على زيادة التنويع الاقتصادي سيساعد ذلك على ضمان الاستقرار والنمو الاقتصادي المستدام. من جهة أخرى تُظهر أحدث التوقّعات لصافي الإقراض الحكومي في دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2016 أن كلاً من الكويت والإمارات وقطر لديها أعلى الفوائض من إجمالي الناتج المحلي السنوي لكل منها، وبنسب 24.1% و9.8% و6.6% على التوالي. وتعتبر البحرين البلد الوحيد في منطقة الخليج العربي التي تعاني من عجز مالي حالياً بنسبة 4.8%، كما أنه من المتوقع أن يصل صافي الإقراض الحكومي في سلطنة عُمان إلى نحو 1.8% من إجمالي الناتج المحلي في 2016. ويقول دوغلاس ماكويليامز المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين "تتّجه حصص كبيرة من الموازنات الحكومية في دول مجلس التعاون الخليجي نحو الإنفاق العام، مثل الأجور أو الرواتب السخيّة في القطاع العام، ودعم الأغذية والوقود، فضلاً عن المساعدات المالية المباشرة للعائلات. وربما تساهم بعض الإصلاحات في إطار هذا الدعم في تقليل الضغوطات على الميزانية العامة للحكومة، خاصة وأنها تواجه تراجعاً في العوائد النفطية". وعلى الرغم من أن خطط الإنفاق الحكومي كبيرة، إلا أنها ليست بالضرورة غير مستدامة، فلا بد للخطط الطموحة الخاصة بالاستثمارات وإنشاء البنى التحتية في شتى أنحاء المنطقة أن تحفّز من مقوّمات النمو على المدى القريب. ويمكنها أيضاً أن تزيد من الإنتاجية على المدى البعيد، كما أن هناك أخباراً سارة حول زيادة الطلب من الأسواق الناشئة، وبالتحديد من منطقة اتحاد دول جنوبي شرق آسيا المعروفة باسم "آسيان". وقال التقرير أن إنتاج المملكة تقلّص بنسبة 3.1% خلال الربع الثاني، ويعود ذلك جزئياً إلى انخفاض الصادرات، والإنفاق الحكومي الأكثر تشدّداً، ومن المرجّح أن تنعكس الإيرادات الضعيفة للصادرات على إجمالي الناتج المحلي خلال السنوات المقبلة، خاصة مع تباطؤ النمو السنوي من 4.2% هذا العام إلى 3.9% في عام 2016. ومع ذلك ليس من المحتمل أن نشهد مستويات دراماتيكية من التباطؤ، نظراً لالتزام المملكة بالحفاظ على النمو المتوازن والمستقر، وأيضاً خططها الواقعية للتوسّع المالي على المدى المتوسط.