أكد تقرير نشر أمس أن تراجع أسعار النفط سيضع -لا محالة- تحدّيات هائلة أمام أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، لا سيما مع ضعف الطلب وزيادة العرض، والأداء القوي للدولار الأمريكي. ويحذّر التقرير الذي نشره معهد المحاسبين القانونيين في انجلترا وويلز ICAEW بعنوان «رؤى اقتصادية» من تداعيات الانخفاض المستمر في أسعار النفط، إذ أنها قد تلقي بضغوطات لا يستهان بها على اقتصاديات دول الخليج العربي، وستؤثر قطعا على النمو الحقيقي لإجمالي الناتج المحلي، ما لم تتخذ خطوات جادة بخصوص سياسات التنويع الاقتصادي في أسواق المنطقة. ومع اعتمادها الكبير على الصادرات السلعية، يتوقع أن تواجه اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي تبعات رئيسية من جرّاء هبوط أسعار النفط. ووفقا لصندوق النقد الدولي وأسعار النفط المتوقعة لبلوغ نقطة التعادل في 2015م، تعاني البحرين وعُمان من ضغوطات هائلة، إذ تحتاجان إلى أسعار 108 و116 دولارا أمريكيا للبرميل على التوالي؛ لتحقيق التوزان بين الإيرادات والمصروفات في الموازنة العامة. وتتمتع كل من السعودية وقطروالإماراتوالكويت بوضع أفضل؛ نظرا لنضوج أنظمتها المصرفية المحلية وتطوّرها، ونفاذها إلى الأسواق الدولية على نطاق واسع، بالإضافة إلى صناديق الثروات السيادية الضخمة التي تحقّق عوائد استثمارية مرتفعة للغاية. وتظهر أحدث التوقعات لصافي الإقراض الحكومي في دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2016م أن كلا من الكويتوالإماراتوقطر لديها أعلى الفوائض من إجمالي الناتج المحلي السنوي لكل منها، وبنسب 24.1% و9.8% و6.6% على التوالي. وتعتبر البحرين البلد الوحيد في منطقة الخليج العربي التي تعاني من عجز مالي حالياً بنسبة 4.8%، كما أنه من المتوقع أن يصل صافي الإقراض الحكومي في سلطنة عُمان إلى نحو 1.8% من إجمالي الناتج المحلي في 2016م. وتقلص إنتاج المملكة بنسبة 3.1% خلال الربع الثاني، ويعود ذلك جزئيا إلى انخفاض الصادرات، والإنفاق الحكومي الأكثر تشدّدا. ومن المرجّح أن تنعكس الإيرادات الضعيفة للصادرات على إجمالي الناتج المحلي خلال السنوات المقبلة، خاصة مع تباطؤ النمو السنوي من 4.2% هذا العام إلى 3.9% في عام 2016. ومع ذلك، ليس من المحتمل أن نشهد مستويات دراماتيكية من التباطؤ؛ نظراً لالتزام المملكة بالحفاظ على النمو المتوازن والمستقر، وأيضاً خططها الواقعية للتوسّع المالي على المدى المتوسط. ومن المرجّح أن يحقق إجمالي الناتج المحلي لدولة الإمارات العربية المتحدة نموا سنويا بنسبة 4.6% في العام 2014، مع تراجع طفيف إلى 4.4% في عام 2015. إن التطوّرات الجادة التي تبديها الإمارات في إطار التنويع الاقتصادي بعيداً عن النفط يعني أنها ستكون محصّنة نسبياً من أسوأ التداعيات المترتّبة من انخفاض أسعار النفط، ومع ذلك، فإن موجة الركود الأخيرة في أسواق الأسهم، إلى جانب تراجع مؤشر العقارات في دبي بأكثر من 15% منذ شهر سبتمبر المنصرم، يفرض عدة مخاطر حول هذه النظرة العامة. وتقلص إجمالي الناتج المحلي في قطر خلال الربع الثاني، مع نمو قوي في القطاعات غير النفطية فقط، مما يعوّض جزئياً التراجع في أداء قطاع المنتجات الهيدروكربونية. ومن المتوقع أن يبلغ النمو السنوي نحو 6.3% هذا العام، مرتفعاً إلى 7.2% في 2015، على افتراض الاستمرار في تنفيذ مشاريع البنية التحتية المُعلنة حسب الخطط الموضوعة. وشهد قطاع المنتجات الهيدروكربونية في سلطنة عُمان موجة من الركود، مما أدّى إلى تباطؤ النمو السنوي ليصل حسب التوقعات إلى 3.3% في العام 2014م، ويُعزى ذلك جزئياً إلى التراجع غير المتوقع لأسعار النفط، لذا من غير المرجّح أن يتحسّن النمو في إجمالي الناتج المحلي بشكل ملحوظ على المدى القصير. ومع ذلك، فإن النظرة بعيدة المدى تبقى أكثر تفاؤلا، إذ من المتوقع أن تبدأ آبار الغاز الجديدة بعمليات الإنتاج قريبا. ومن المفترض أن يرتفع إنتاج البحرين بنسبة 4% في العام 2014م، ومع ذلك، فمن المتوقع أن يتباطأ النمو إلى حوالي 3.5% في المتوسط خلال عامي 2015 و2016م؛ بسبب استقرار معدلات إنتاج النفط، والنمو الضعيف في القطاعات غير النفطية. وتراجع إنتاج النفط في الكويت بأقل من التوقعات، كما انخفض نمو إجمالي الناتج المحلي أكثر من التقديرات، إلا أن الزيادات الكبيرة في التصنيف الائتماني للقطاع الخاص تشير إلى أن القطاع غير النفطي نجح في تعويض بعض الجوانب لهذا الضعف. ومع ذلك، من المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 1.7% هذه السنة، متسارعاً إلى 2.5% العام المقبل.