في الوقت الذي كانت منظمة التعاون الإسلامي تشدد على أهمية تعزيز حرية الأديان والتصدي بشكل حاسم وصريح للتعصب والكراهية، وأهمية ضمان حرية الرأي والتعبير التي تعدّ أساسية لممارسة الحق في الحرية الدينية أمس، خلال ختام الاجتماع الخامس لمسار إسطنبول في مقر الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي بجدة، لبحث وتدارس تنفيذ القرار 16/18 الصادر عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، باغت النائب الهولندي المعادي للإسلام غيرت فيلدرز العالم، بالكشف عن عزمه عرض رسوم كاريكاتورية لمقام النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- على التلفزيون بعد رفض طلبه عرضها في البرلمان، ما يمكن أن يحرمه من الظهور على الشاشة لسنوات. وقال غيرت فيلدرز إنه سيعرض هذه الرسوم خلال الفترة المخصصة للأحزاب السياسية دفاعا عن حرية التعبير بعد أن كانت مسابقة للرسوم المسيئة في تكساس هدفا لهجوم تبناه تنظيم داعش. وقال النائب الملاحق حاليا بتهمة التحريض على الكراهية بعد أن وعد أنصاره خلال تجمع انتخابي في 2014 "بتقليل عدد المغاربة" في هولندا، في بيان صادر مساء الأربعاء "الطريقة الوحيدة لنظهر للإسلاميين المتطرفين أننا لن نرضخ أبدا للإرهاب والعنف هي أن نفعل بالضبط ما يريدون منعنا من القيام به"، ويرفض فيلدرز اعتبار عرض الرسوم الكاريكاتورية استفزازا. من جانبها، وصفت مديرة إدارة الإعلام بمنظمة التعاون الإسلامي مها العقيل خطوة فيلدرز بأنها هي الاستفزازية، وقالت ل"الوطن": المنظمة ستصدر بيانا بهذا الخصوص، لأن هذه الخطوة تمثل إحدى الذرائع والحجج الواهية لقوى التطرف في تصعيد العنف في العالم، لافتة إلى أن الاجتماع وإن لم يتعرض مباشرة لخطوة النائب الهولندي، إلا أن مثل هذه التصرفات كانت حاضرة في الاجتماع، الذي أكد أهمية اتخاذ تدابير إيجابية وحازمة في مكافحة التعصب الديني، خاصة فيما يتعلق بالاضطهاد ومعارضة أعمال الكراهية والاستفزاز والتنميط والإساءة. يذكر أن حزب فيلدرز يشغل 12 مقعدا من أصل 150 في البرلمان الهولندي، وهو يسعى إلى منع المصحف الذي يشبهه بكتاب "كفاحي" لادولف هتلر، كما يريد فيلدرز وقف استقبال المهاجرين من البلدان المسلمة. وكان اجتماع مسار إسطنبول في مقر منظمة التعاون الإسلامي أكد جددا الأهمية التي يتسم بها القرار 16/18 باعتباره إنجازا بارزا في إطار ما تبذله الأممالمتحدة من جهود لمكافحة التحريض على الكراهية والتمييز والوصم والعنف بسبب الدين والمعتقد، ودعا الجميع إلى صون التوافق العام حول هذه الوثيقة المهمة. وسلط المشاركون الضوء على أهمية مسار إسطنبول باعتباره الآلية الوحيدة لمتابعة التنفيذ الفعلي للقرار الصادر عن مجلس حقوق الإنسان وخطة عمله، ودعا إلى تعزيزه أكثر من خلال عقد اجتماعات غير رسمية. كما شدد المشاركون على أهمية حفظ سجلات خاصة للدورات السابقة والحالية والمستقبلية لمسار إسطنبول، وذلك من أجل تتبع القضايا المطروحة للنقاش وحصيلة كل اجتماع. وتمخضت المناقشات عن تجنب ازدواجية المعايير في تنفيذ وتعزيز فحوى رسالة القرار 16/18 بطريقة موضوعية ونزيهة، وهو ما من شأنه أن يساعد على صون التوافق العالمي ويشجع التنفيذ الفعلي على جميع المستويات، وأهمية تعزيز حرية الأديان والتصدي بشكل حاسم وصريح للتعصب والكراهية بسبب الدين والمرتبطين ارتباطا وثيقا بينهما. إضافة إلى أهمية ضمان حرية الرأي والتعبير التي تعدّ أساسية لممارسة الحق في الحرية الدينية، وبالتالي ينبغي أن يكون حظر حرية التعبير استثناء ويجب أن يكون متوافقا مع معيار ثلاثي المستويات محدد في المادتين (19) و(20) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية/ أو بموجب المتطلبات القانونية الوطنية. كما نصت خطة عمل الرباط على توجيهات بهذا الخصوص. وكان الاجتماع الخامس لمسار إسطنبول حضرته دول أعضاء في الأممالمتحدة وأكاديميون ومسؤولون من الأممالمتحدة وخبراء مستقلون وقانونيون ومنظمات غير حكومية وممثلون عن المجتمع المدني، ما يعكس مدى الاهتمام الذي يوليه المجتمع الدولي لموضوع مكافحة التمييز بسبب الدين. وانقسم الاجتماع إلى ثلاث حلقات نقاش تطرقت لخطة العمل المؤلفة من ثماني نقاط والخاصة بالقرار 16/18 في ثلاث مجموعات كبيرة.