لم يكتف المتمردون الحوثيون بالاعتداء على المدنيين في اليمن، بل امتدت اعتداءاتهم وتجاوزاتهم لتشمل كذلك العاملين في المجال الصحي، في مختلف الجبهات التي يوجدون فيها، بغرض إسقاط الدولة بالقوة، والسيطرة على مفاصل السلطة في البلاد. وفي أحدث تلك الانتهاكات، أطلق مسلحون حوثيون وموالون للرئيس المخلوع، نيران مدافعهم على فريق الهلال الأحمر بمحافظة مأرب، شرقي اليمن، ومنعوه من إخراج جثث القتلى ونقلها إلى أحد مستشفيات المدينة. وقال رئيس جمعية الهلال الأحمر - فرع مأرب، حسن مبخوت جابر، إن الحوثيين أطلقوا النار بكثافة على سيارات تابعة للمنظمة كانت في طريقها لانتشال جثث قتلى الحرب من الطرفين في منطقة الزور بمديرية صرواح بمأرب. وروى رئيس الجمعية إلى "الوطن" تفاصيل الحادثة بقوله: إن رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر تواصل شخصيا مع طرفي الصراع في مأرب، وقام بالتنسيق بينهم، لتسهيل عملية إخلاء الجثث من أماكن الحرب، ووافقت كل الأطراف على إرساء هدنة لهذا الغرض، تبدأ عند الساعة الثامنة صباح أول من أمس، وتنتهي عند الساعة الثانية عشرة ظهر نفس اليوم. وعندما تحركت ثلاث سيارات للفريق تحمل أعلام المنظمة والشارات الخاصة بها إلى منطقة الزور بهدف الالتقاء بمندوبي جماعة الحوثيين والمقاومة الشعبية الذين سيحضرون أثناء عملية إخلاء الجثث، وعند وصولنا إلى منطقة "الصمعة الحمراء" القريبة من المكان المحدد بيننا، أطلقت ميليشيات الحوثي النار بكثافة على سيارات الفريق، ما دفعنا إلى التراجع وإلغاء المهمة بشكل نهائي". وأضاف "حاولنا الاتصال بالقيادات الحوثية التي تم التنسيق معها في الموضوع لمعرفة سبب خرق الهدنة المتفق عليها، لكن تلفوناتهم كانت مغلقة، ولم نتمكن من الوصول إليهم". وتابع بالقول "الجيش والأمن ورجال المقاومة الشعبية توقفوا عن إطلاق النار، والتزموا بالهدنة لكن الحوثيين ضربوا بها عرض الحائط"، معبراً عن استيائه من هذا التصرف والاعتداء الذي استهدف الفريق وعرض حياة أعضائه للخطر، إضافة إلى أنه انتهاك تجرمه كل القوانين، يستهدف جهة ليست طرفاً في الصراع وتعمل بشكل محايد. وكشف جابر عن محاولات سابقة مع جماعة الحوثيين بضرورة تولي فريق الهلال الأحمر نقل جثث الضحايا من أماكن الصراع، كواجب إنساني تقوم به المنظمة التي تنتشر فرقها في مختلف دول العالم. وقال إن الحوثيين ماطلوا في ذلك أكثر من مرة، وكان كل قيادي منهم يُلقي الأمر على الآخر، قبل أن يتم الاتفاق على القيام بإخلاء الجثث أول من أمس، الذي خرقه الحوثيون أيضاً ولم يلتزموا به. وقال إن فريق الهلال الأحمر في المحافظة لم يتمكن خلال شهرين مضت من إخلاء الجثث، ولم يستطع تنفيذ هذه المهمة سوى مرة واحدة حين أخلى عدداً من جثث الضحايا في منطقة قانية. وتطال انتهاكات الميليشيات الانقلابية كل المنظمات المدنية العاملة في هذا المجال في كل الجبهات، وقبل أقل من شهر فقط، أصدرت اللجنة الدولية للصيب الأحمر بياناً قالت فيه إن المسلحين الحوثيين منعوها من إدخال أدوية إلى محافظة مأرب، الأمر الذي قد يزيد من تفاقم المعاناة داخل المستشفيات والمركز الطبية في المدينة.