المملكة صانعة السلام    تزامنت مع تباشير التأسيس.. الاختبارات بالثوب والشماغ    لمسة وفاء.. زياد بن سليمان العرادي    أدبي جازان يعزف للوطن احتفالًا بالتأسيس بفعاليات متنوعة    الاحتلال يواصل الاقتحامات وهدم المنازل في الضفة    التعامل بحزم مع الاعتداء على «اليونيفيل».. السعودية تدعم إجراءات لبنان لمواجهة محاولات العبث بالأمن    وزير الداخلية ونظيره اللبناني يبحثان مسارات التعاون الأمني    وزير الداخلية والرئيس التونسي يستعرضان العلاقات والتعاون الأمني    في الجولة الأخيرة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي يواجه الغرافة.. والنصر في ضيافة بيرسبوليس    في انطلاق الجولة 22 من دوري" يلو".. الجبلين في ضيافة الزلفي.. والعين يواجه البكيرية    2 % معدل التضخم في المملكة    ريادة سعودية في صناعة الفوسفات.. 4.6 تريليون ريال موارد تعدينية بالشمالية    حين يصبح الطريق حياة...لا تعطلوا الإسعاف    ضبط 5 وافدين في جدة لممارستهم أفعالا تنافي الآداب العامة في مراكز الاسترخاء    هيئة العقار تشارك في «ريستاتكس الرياض»    تكريم الفائزين بجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز في دورتها ال 12    قصة برجس الرماحي    تكريم المبدعين    تراجع مفهوم الخطوبة بين القيم الاجتماعية والتأثيرات الحديثة    عيد الحب.. بين المشاعر الحقيقية والقيم الإسلامية    10 مسارات إثرائية لتعزيز تجربة قاصدي الحرمين في رمضان    تحذير من أجهزة ذكية لقياس سكر الدم    محافظ جدة يُدشّن الحملة الوطنيّة المحدودة للتطعيم ضد شلل الأطفال    النفط ينهي سلسلة خسائر «ثلاثة أسابيع» رغم استمرار مخاوف الهبوط    المملكة العربية السعودية تُظهر مستويات عالية من تبني تطبيقات الحاويات والذكاء الاصطناعي التوليدي    وزير الاقتصاد: توقع نمو القطاع غير النفطي 4.8 في 2025    يانمار تعزز التزامها نحو المملكة العربية السعودية بافتتاح مكتبها في الرياض    الشيخ السليمان ل«الرياض»: بعض المعبرين أفسد حياة الناس ودمر البيوت    «سلمان للإغاثة» يدشن مبادرة «إطعام - 4»    أمير الشرقية يرعى لقاء «أصدقاء المرضى»    الحجامة.. صحة وعلاج ووقاية    محمد بن ناصر يدشّن حملة التطعيم ضدّ شلل الأطفال    يوم «سرطان الأطفال».. التثقيف بطرق العلاج    ملّاح داكار التاريخي.. بُترت ساقه فامتدت أسطورته أبعد من الطريق    الرياض.. وازنة القرار العالمي    "أبواب الشرقية" إرث ثقافي يوقظ تاريخ الحرف اليدوية    مسلسل «في لحظة» يطلق العنان لبوستره    عبادي الجوهر شغف على وجهة البحر الأحمر    ريم طيبة.. «آينشتاين» سعودية !    الترمبية وتغير الطريقة التي ترى فيها السياسة الدولية نفسها    الملامح الست لاستراتيجيات "ترمب" الإعلامية    بيان المملكة.. الصوت المسموع والرأي المقدر..!    القادسية قادم بقوة    يايسله: جاهزون للغرافة    الحاضنات داعمة للأمهات    غرامة لعدم المخالفة !    منتدى الاستثمار الرياضي يسلّم شارة SIF لشركة المحركات السعودية    الأهلي تعب وأتعبنا    وزير الاقتصاد يلتقي عددًا من المسؤولين لمناقشة مجالات التعاون المشترك    أمين الرياض يحضر حفل سفارة كندا بمناسبة اليوم الوطني لبلادها    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل العام لدولة الكويت    بموافقة الملك.. «الشؤون الإسلامية» تنفذ برنامج «هدية خادم الحرمين لتوزيع التمور» في 102 دولة    أمير نجران يكرّم مدير فرع هيئة حقوق الإنسان بالمنطقة سابقاً    "كبدك" تقدم الرعاية لأكثر من 50 مستفيدًا    جدد رفضه المطلق للتهجير.. الرئيس الفلسطيني أمام القمة الإفريقية: تحقيق الأمن الدولي يتطلب دعم مؤتمر السلام برئاسة السعودية    عدم تعمد الإضرار بطبيعة المنطقة والحياة البرية.. ضوابط جديدة للتنزه في منطقة الصمان    استمع إلى شرح موجز عن عملهما.. وزير الداخلية يزور» الحماية المدنية» و» العمليات الأمنية» الإيطالية    عبدالعزيز بن سعود يزور وكالة الحماية المدنية الإيطالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خادم الحرمين: أحبطنا مؤامرة إقليمية
الملك سلمان يؤكد أن عاصفة الحزم جاءت لإنقاذ اليمن من فئة تغولت فيها الروح الطائفية بدعم جهات خارجية تطمع في الهيمنة
نشر في الوطن يوم 11 - 05 - 2015

بعد نحو 18 يوما من انتهاء عاصفة الحزم التي قادتها السعودية ضمن التحالف العربي بغرض استعادة الشرعية في اليمن، أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أن الغرض من تلك العملية العسكرية التي لقيت تأييدا عربيا وإسلاميا ودوليا هو نصرة اليمن الشقيق، والتصدي لمحاولة تحويله إلى قاعدة تنطلق منها مؤامرة إقليمية لزعزعة الأمن والاستقرار في دول المنطقة، وتحويلها إلى مسارح للإرهاب والفتن الماحقة والصراع الدامي على غرار ما طال بعض الدول الأخرى.
وشدد خادم الحرمين، في كلمته الموجهة إلى حفل افتتاح أعمال الدورة ال22 للمجمع الفقهي الإسلامي، التي ألقاها نيابة عنه مستشاره أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، على أن خطورة تلك المحاولة المقيتة تكمن في دوافعها والجهات التي تقف وراءها، وهو ما قال إنه يستوجب عدم السكوت عنها، أو التساهل في مواجهتها.
وأكد الملك سلمان أن هبّة السعودية ودول التحالف جاءت بغرض إنقاذ اليمن وشعبه من فئة تغولت فيها روح الطائفية، فناصبت العداء لحكومة بلدها الشرعية، وعصفت بأمنه واستقراره، وأخذت تلوح بتهديد دول الجوار وفي مقدمتها المملكة، بدعم من جهات خارجية تسعى إلى تحقيق أطماعها في الهيمنة على المنطقة، وزرع الفتن فيها دون مراعاة لما يربطها بدول المنطقة وشعوبها من أخوة إسلامية وقوانين وأعراف دولية، مشيرا إلى أن أعظم الأخطار التي تواجه الأمة الإسلامية يكمن في توظيف الطائفية المقيتة لتحقيق أطماع سياسية دنيوية.
أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أن المملكة هبت، ومن تضامن معها من الدول في عاصفة الحزم لتلبية نداء الواجب في إنقاذ اليمن وشعبه الشقيق من فئة تغولت فيها روح الطائفية فناصبت العداء لحكومة بلدها الشرعية، وعصفت بأمنه واستقراره، وأخذت تلوح بتهديد دول الجوار وفي مقدمتها المملكة بدعم من جهات خارجية تسعى لتحقيق أطماعها في الهيمنة على المنطقة وزرع الفتن فيها دون مراعاة لما يربطها بدول هذه المنطقة وشعوبها من أخوة إسلامية وقوانين وأعراف دولية.
وشدد الملك، في كلمة ألقاها نيابة عنه مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، في افتتاح أعمال الدورة ال22 للمجمع الفقهي الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة أمس، على أنه لم يكن للمملكة وما كان للمملكة من غرض في عاصفة الحزم، التي لقيت تأييدا عربيا وإسلاميا ودوليا واسعا، سوى نصرة اليمن الشقيق، والتصدي لمحاولة تحويله إلى قاعدة تنطلق منها مؤامرة إقليمية لزعزعة الأمن والاستقرار في دول المنطقة وتحويلها إلى مسارح للإرهاب والفتن الماحقة والصراع الدامي على غرار ما طال بعض الدول الأخرى.
وأوضح خادم الحرمين الشريفين أن هذه المحاولة المقيتة في اليمن لن تبلغ شيئا من أهدافها أمام صرامة دولنا ويقظة شعوبنا، إلا أن الخطورة التي تكمن في دوافعها والجهات التي تقف وراءها تستوجب عدم السكوت عليها أو التساهل في مواجهتها.
وقال: إن الخطر الأعظم الذي يهدد أمتنا الإسلامية هو توظيف الطائفية المقيتة لتحقيق أطماع سياسية دنيوية لا علاقة لها بنصرة الدين والأمة، وإنما تستهدف العدوان على الغير، والاستحواذ على حقوقه بالاستقواء والمبالغة، على نحو ما تشهده دولة اليمن مؤخرا.
وأضاف: ازداد استقواء هذه الفئة بتآمر جهات يمنية داخلية نقضت ما سبق أن عاهدت عليه من الالتزام بمقتضيات المبادرة الخليجية التي كان فيها المخرج لهذا البلد الشقيق من حالة الانسداد ودوامة الصراع الذي كان يمزقه.
وأكد خادم الحرمين الشريفين أن المملكة تتابع باهتمام وتقدير مناشط رابطة العالم الإسلامي في خدمة الإسلام والدفاع عن قضاياه ووحدة صف المسلمين، والأمل معقود على الرابطة ومن يتعاون معها من المخلصين لدينهم وأمتهم في المزيد من التنسيق والتعاون المثمر مع الهيئات والمؤسسات الإسلامية الأخرى لوضع إطار عام للعمل الإسلامي المشترك، يحذر المسلمين من مواطن الشبهات ويرشد الشباب إلى المنهاج القويم الذي جاءت به الشريعة الإسلامية الغراء، وينقذهم من مخاطر الانزلاق وراء الأفكار والدعوات المنحرفة.
قتل الأبرياء
من جانبه، ألقى الأمين العام للمجمع الفقهي الدكتور صالح بن زابن المرزوقي، كلمة أكد فيها أن رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وافتتاح مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، لأعمال الدورة ال22 للمجمع الفقهي الإسلامي، لهو شاهد من شواهد الدعم المادي والأدبي المستمر والمتجدد للهيئات الإسلامية ومجامعها، ودور العلم ومعاهده؛ خدمة للعلم والعلماء ورعاية لشؤون المسلمين، وهذه واحدة من مكارمه الكثيرة، فخالص الشكر ومحمود الثناء لخادم الحرمين الشريفين، على هذه الجهود المباركة.
وقال المرزوقي: إننا في هذه الأيام نواجه مشكلة كبيرة تتمثل في اعتداء جماعة الحوثي ومن ساندهم من داخل اليمن، وخارجه على سلطة البلاد الشرعية وقتل الأبرياء واحتلال المدن، ومحاولة الاستيلاء على السلطة، وغير ذلك من الأعمال الشنيعة، مما أوصل البلاد إلى حالة متردية.
وطالب الأمين العام للمجمع الفقهي العلماء بتدارس وإيضاح آثار هذه القضية على مستقبل الأمة، فهي بحاجة إلى حكمة العلماء، لأنها ليست من القضايا السهلة، وأن يقيموا الشهادة لله، ولا يخشون في الله لومة لائم، مؤكدا أن كلمة العلماء هي حكم ينبغي أن يسمعه كافة المسلمين، مشيرا إلى أن الأمة الإسلامية تتطلعُ إلى ما يتمخض عنه اجتماع هذه الدورة من نتائج إيجابية، تنير لها طريقها، وتعينها على إيجاد الحلول لمشكلاتها.
وبين أن المجمع نظم فيما سبق 21 دورة من دوراته، صدر عنها أكثر من 127 قرارا وبيانا، ترجمت إلى عدد من اللغات الأجنبية، كما عقد عددا من المؤتمرات والندوات، مشيراٍ إلى أن المجمع أقام بين دورته ال21 وال22 التي تفتتح أعمالها اليوم، بعض الأعمال التي تصب في تحقيق أهدافه، ومنها مصادقة المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي على انضمام أربعة أعضاء جدد من صفوة علماء الأمة الإسلامية إلى مجلس المجمع الفقهي وطباعة ونشر كثير من أعماله وبحوثه.
كما قام المجمع بتنظيم ندوة الحضانة في ضوء مستجدات العصر بالتعاون مع كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى وسيعقد مؤتمرين أحدهما "المؤتمر العالمي للفتوى وضوابطها تعريف وتوجيه" في بلجيكا، وثانيهما "الانحرافات الفكرية بين حرية التعبير ومحكمات الشريعة".
حقن الدماء
وألقى الشيخ نصر فريد واصل، كلمة الضيوف أعرب فيها عن شكره وتقديره لحكومة خادم الحرمين الشريفين، وعلى الدور الذي تقوم به المملكة في المنطقة من أجل إرساء الأمن والاستقرار وإعادة الشرعية، مؤكدا حرص خادم الحرمين الشريفين على حقن الدماء المسلمة وتلمس احتياجات الأقليات المسلمة في أرجاء المعمورة كافة.
وقال: إننا نجتمع اليوم في مكة المكرمة لنتلمس احتياجات المسلمين الفقهية ونناقش ما أشكل عليهم من قضايا تلامس حياتهم اليومية في التعويض عن الضرر الأدبي أو المادي الناتج عن الجناية أو الشكوى الكيدية، والبيع والتأجير بالسعر المتغير وقضايا الإحرام وأحكام المطلقة وغيرها من أجل الوصول إلى حكم شرعي يفيد الأمة الإسلامية التي تجد في هذا الدين الحنيف ما لم تجده في غيره من الأحكام الوضعية.
خدمة المسلمين
عقب ذلك، ألقى مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، كلمة أكد فيها أن من نعم الله على هذه الأمة وجود فئة من المسلمين تخدم الدين وهم العلماء، منوها بالدور الذي يقوم به المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي.
وقال إن الفقه الجماعي ادعى للقبول والصواب في اجتماع الأمة تحت مظلة رابطة العالم الإسلامي على اختلاف مناهجهم وثقافاتهم من أجل التقارب وتقريب الخلاف واتحاد الصف، مبينا أن المملكة أسست هذه المجامع لخدمة المسلمين في دول العالم كافة.
وأضاف "إن الفقه الحقيقي هو الفقه عن الله في مراده واتباع أوامره واجتناب نواهيه وتوحيد الله وأن يعلم المسلم أنه قد خلق لعبادته".
وشدد مفتي عام المملكة على أن قضية اليمن ليست قضية عربية بل هي إسلامية لأنها أقيمت لإضعاف الأمة وإشغالها عن واجباتها، مؤكدا أن ما قامت به المملكة من عمل هو من أجل إعادة الأمن والاستقرار والحفاظ على أرواح الإخوة اليمنيين، كما جاءت عاصفة الحزم لردع عدوان المعتدين وظلم الظالمين وكل المسلمين يؤيدون ذلك ويرون أن هذا موقف إسلامي شجاع جاء في وقته.
نص كلمة خادم الحرمين الشريفين
أرحب بضيوفنا الأفاضل، وأحيي الحضور الكريم، في مهبط الوحي برسالة الإسلام العالمية الخالدة، التي شعارها السلام، وغايتها تخليص الناس من ظلمات الشرك والأوثان إلى نور التوحيد والإيمان، وتحريرهم من رقة استعباد الإنسان لأخيه الإنسان، إلى خلوص العبودية لله وحده - جل وعلا-، ومن ثم جاءت الرسالة المحمدية رحمة للعالمين، مصداقً لقوله تعالى: ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)).
لقد اهتمت المملكة العربية السعودية - أيما اهتمام - بتنظيم الفتوى، وإنشاء مؤسساتها من: المجامع، وهيئات البحوث الشرعية والإفتاء، التي تضم كبار العلماء الثقات الراسخين في العلم، حيث تتبنى هذه المرجعية الجماعية المؤهلة، والتي ينتظم عقد هذا المجمع الفقهي الممثل للعالم الإسلامي في إطارها، دراسة الموضوعات ذات الصلة بالقضايا العامة ومستجدات العصر، والخلوص إلى الرأي الشرعي الصحيح فيها، لأنها بطبيعتها تتطلب تضافراً في الجهود، لتذليل صعابها، واستيفاء جوانبها، والإحاطة بملابساتها، وتتقلص بذلك دائرة الخلاف في المسألة المعروضة، ويتجلى فيها القول السديد والرأي الشديد الذي يصلح عليه أمر الأمة، طبقا للفهم الصحيح لمقاصد الشريعة الإسلامية الغراء، التي لم تدع شأنا من شؤون الدنيا والآخرة إلا فصلت فيه ((مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ)).
وفي هذا الصدد، وصونا للقول في دين الله تعالى، من تطفل الأدعياء، والتسيب في الإفتاء، وسدا للباب في وجه المتجرئين على هذه المهمة الجليلة، الذين حذر الله منهم بقوله: ((وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ))، وقد شددت المملكة فيما صدر من توجيهات سامية، على أهمية قصر الفتوى على أهلها، المشهود لهم بالجدارة: ((وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)).
ذلك أن اجتراء الأدعياء واتخاذهم رؤوسا ومراجع، يدخل على الناس اللبس والتشويش في دينهم، وتختلط لديهم المفاهيم الشرعية، وتنفتح عليهم بذلك أبواب الفتن، ولا سيما في زماننا هذا حيث النفوس الضعيفة، والشُّبه الخطّافة، والمغرضون يترقبون.
وفي هذا من الخطر الداهم على ديننا وأمتنا الإسلامية، ما نشاهد من الفئات التي برزت في بعض أوطان الإسلام، تعيث في الأرض فسادا، وتسعى في الناس إجراما وإرهابا، متشحة - زورا وبهتانا - بأولوية الجهاد، خلافا لما شرعه الله غاية الجهاد، بأنه لنشر الأمان وحماية الأوطان ودفع العدوان، ونصرة المستضعفين.
أيها الإخوة...
ومن الخطر الأعظم الذي يهدد أمتنا الإسلامية أيضاً، توظيف الطائفية المقيتة لتحقيق أطماع سياسية دنيوية، لا علاقة لها بنصرة الدين والأمة، وإنما تستهدف العدوان على الغير والاستحواذ على حقوقه بالاستقواء والمبالغة، على نحو ما شاهدته دولة اليمن مؤخرا.
وفي مواجهة هذا الخطر، وبعد استنفدت كل السبل السليمة لرأب الصدع في اليمن الشقيق، وإيقاف العدوان على شرعية الدولة، وإعمالا لقول الحق تبارك وتعالى: ((فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ)).
هبت المملكة العربية السعودية - ومن تضامن معها من الدول في عاصفة الحزم - لتلبية نداء الواجب في إنقاذ اليمن وشعبه الشقيق، من فئة تغولت فيها روح الطائفية فناصبت العداء لحكومة بلدها الشرعية، وعصف بأمنه واستقراره، وأخذت تلوح بتهديد دول الجوار وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، بدعم من جهات خارجية، تسعى لتحقيق أطماعها في الهيمنة على المنطقة وزرع الفتن فيها، دون مراعاة لما يربطها بدول هذه المنطقة وشعوبها من أخوة إسلامية، وقوانين وأعراف دولية.
وازداد استقواء هذه الفئة بتآمر جهات يمنية داخلية، نقضت ما سبق أن عاهدت عليه، من الالتزام بمقتضيات المبادرة الخليجية، التي كان فيها المخرج لهذا البلد الشقيق، من حالة الانسداد ودوامة الصراع الذي كان يمزقه.
وما كان للمملكة من غرض في عاصفة الحزم - التي لقيت تأييدا عربيا وإسلاميا ودوليا واسعا - سوى نصرة اليمن الشقيق، والتصدي لمحاولة تحويله إلى قاعدة تنطلق منها مؤامرة إقليمية، لزعزعة الأمن والاستقرار في دول المنطقة، وتحويلها إلى مسارح للإرهاب والفتن الماحقة والصراع الدامي، على غرار ما طال بعض الدول الأخرى.
وهذه المحاولة المقيتة في اليمن، وإن كنا على ثقة تامة - بحول الله ونصرته للحق - بأنها لن تبلغ شيئا من أهدافها، أمام صرامة دولنا ويقظة شعوبنا، إلا أن الخطورة التي تكمن في دوافعها والجهات التي تقف وراءها، تستوجب عدم السكوت عليها أو التساهل في مواجهتها.
لذلك فإن من المأمول من علماء الأمة الإسلامية - في هذه المجمع الموقع وغيره - أن يكثفوا جهودهم للتوعية بخطر هذه الفئات الضالة، وأهدافها التآمرية على الأمة، ويشددوا في التحذير من بذور الشر والفساد، التي تفتك بالأوطان الإسلامية من داخلها.
أيها الإخوة..
إن المملكة العربية السعودية تتابع - باهتمام وتقدير - مناشط رابطة العالم الإسلامي، في خدمة الإسلام والدفاع عن قضاياه ووحدة صف المسلمين، والأمل معقود على الرابطة - ومن يتعاون معها من المخلصين لدينهم وأمتهم - في المزيد من التنسيق والتعاون المثمر، مع الهيئات والمؤسسات الإسلامية الأخرى، لوضع إطار عام للعمل الإسلامي المشترك، يحذر المسلمين من مواطن الشبهات، ويرشد الشباب - خاصة - إلى المنهاج القويم، الذي جاءت به الشريعة الإسلامية الغراء، وينقذهم من مخاطر الانزلاق وراء الأفكار والدعوات المنحرفة.
أسأل الله تعالى أن يوفقكم لما فيه الخير لديننا وأمتنا، وأن يجمع كلمة المسلمين على الهدى والتقوي: ((وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)).
الرابطة: تشتد المحن وتزداد الحاجة لورثة الأنبياء
قال الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي، في كلمته خلال افتتاح الدورة ال22 للمجمع الفقهي بالرابطة أمس، إن حال الأمة المسلمة اليوم يتسم باشتداد المحن عليها، وتوالي الفتن المؤرقة لها، وفي هذه الظروف تشتد الحاجة إلى ورثة الأنبياء، وتتضاعف مسؤوليتهم في نصيحة الناس وإرشادهم إلى ما ينبغي أن يركزوا عليه من الأعمال، ويحفز الهمم ويعزز الأمل.
وأوضح أن المسؤولية المنوطة بالعلماء تجاه الإسلام والمسلمين، تتركز في التعريف بالحقائق والمفاهيم الأساسية التي يقوم عليها الدين، وتنتشر بها دعوته وتؤدى رسالته، وحماية هذه الحقائق والمفاهيم من ملوثات الغزو الفكري، ومن التحريف الناتج عن الجهل أو الغلو والتنطع والحيدة عن منهاج الوسطية والاعتدال، كما جاء في الخبر عن إبراهيم بن عبدالرحمن العذري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين".
وأكد على أن "بلاغ مكة" الصادر عن المؤتمر الإسلامي العالمي "الإسلام ومحاربة الإرهاب" الذي عقدته الرابطة في جمادى الأولى الماضي، ركز في رسالته إلى العلماء، بالتعاهد للحفاظ على هوية الأمة، وإعطاء القدوة الصالحة من أنفسهم، والقيام بواجب النصح والإرشاد للأمة وقادتها بالحكمة، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، ومحاربة الشبهات المضللة والدعوات المغرضة، وذلك بنشر العلم الصحيح المنبثق من أصول الإسلام، وفق هدي سلف الأمة وأئمة الإسلام، والاجتماع على الكليات الثابتة المتفق عليها، والتعاون في مواردها، والتحلي بأدب الخلاف، والتحذير من التكفير والتفسيق والتبديع، في موارد الاجتهاد، صوناً لمصالح الأمة العليا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.