دفع استيلاء المتمردين الحوثيين على كامل مخزون اليمن من المشتقات النفطية، وتوجيهه إلى خدمة آلياتهم العسكرية المعتدية، وحرمان كل الشعب منه، كثيرا من اليمنيين إلى العودة من جديد لامتطاء الدواب، وبات من المألوف أن يشهد المواطن في صنعاء ركوب الحمير والجمال للتنقل وقضاء حوائجهم، بعد أن يئسوا من الانتظار الطويل في صفوف محطات البترول، دون جدوى، على أمل الحصول على أي كميات من البترول. كما قل عدد المركبات بشكل كبير في المدن الرئيسة، لتظهر وسائل بديلة لا تحتاج إلى وقود، وقديمة مضى على استخدام اليمنيين لها عقودا، إلا أن الأزمة التي تعصف بهم جراء محاولة ميليشيات الحوثي بتحالف مع الرئيس المخلوع الاستيلاء على السلطة في البلاد تحت قوة السلاح، دفعتهم إلى العودة إليها من جديد. يقول اليمنيون اليوم، إن احتكار الانقلابيين لمخزون بلادهم من المشتقات النفطية وتخصيصها لآلياتهم الحربية، هو السبب الرئيس وراء اختفاء هذه المادة من محطات البيع في صنعاء والمدن اليمنية الأخرى، في حين أن أطقمهم المسلحة وعرباتهم العسكرية تتحرك على مدار ساعات اليوم، في دليل واضح على ذلك الاحتكار. وفي محاولة للتخفيف من آثار هذه الأزمة، عاد مواطنون إلى استخدام وسائل نقل بديلة، كالحمير والجمال والدراجات، علاوة على تحويل آخرين آلية عمل المركبات والسيارات بمادة الغاز بدلا من البترول، قبل أن ينعدم الغاز هو الآخر من السوق المحلية. وتختفي الخطوط الرئيسة من أي انتشار للسيارات، عدا تلك التي تقل المسلحين الحوثيين والموالين للمخلوع صالح. وظهرت للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين على الأقل، حمير وإبل تتنقل بين شوارع العاصمة صنعاء، وتحمل الأمتعة والأشخاص، وهو ما عده مراقبون وصول أزمة الوقود إلى ذروتها، بحيث يستحيل على المواطن البسيط الحصول عليها حتى من السوق السوداء. يقول الشاب نجيب الطاهري "اضطررت إلى شراء حمار بعد أن توقفت سيارتي التي كنت أنقل عليها بضائعي". ويُضيف الطاهري الذي يملك محلا تجاريا وسط العاصمة ل"الوطن"، "أحتاج إلى شراء بضائع للزبائن مرتين في الأسبوع، وبعد انعدام البترول وانتظاري بسيارتي أمام محطة البترول أكثر من أسبوعين دون جدوى، تركتها أمام المحطة، وذهبت إلى شراء هذا الحمار". ويوجه نجيب أصابع الاتهام إلى الانقلابيين الحوثيين وحليفهم صالح، ويقول "هم يقولون إن سبب الأزمة هو الأحداث التي تمر بها البلاد، وإذا كانوا صادقين في ذلك، فلماذا لم يتضرروا من هذه الأزمة، وتمتلئ سياراتهم بالبترول والديزل، فيما نبحث نحن عن القليل". ويوافقه في ذلك، عبدالله نعمان الذي يعمل مدرسا في إحدى المدارس الحكومية، فاضطر إلى شراء دراجة هوائية، ويقول "الحوثي، يختبئ في مكان آمن وتتوافر فيه كل المتطلبات، ويدعونا إلى الصبر لأنه لا يعرف ما نعانيه من وضع سيئ بسب تصرفاته، بينما هو وصالح يتحكمان في مقدرات البلد وأقوات الناس، وينهبون كل شيء وفي مقدمتها المشتقات النفطية". وازدادت معاناة اليمنيين مع حرمان الانقلابيين لهم من حقهم من الوقود، واستمرارهم بالتسبب في قطع التيار الكهربائي، ما أدى إلى فقدان كثير منهم مصادر أرزاقهم الوحيدة المرتبطة بذلك، علاوة إلى أن أسوأ تأثير لأزمتي الكهرباء والوقود هو تعطل الأجهزة الطبية في المستشفيات، وإغلاق أكثر من مركز طبي.