لم تفارق الابتسامة وجه النازحة اليمنية سعدة أحمد سعيد في العقد السادس من عمرها منذ أن حطت رحالها بمنفذ الطوال الحدودي وكأنها وجدت في الابتسام ملاذا يجعلها صامدة في وجه الظروف. عندما تتحدث مع المسنة القادمة من دولة اليمن الشقيق وبالتحديد من محافظة الضالع تجد القناعة شعارها والرضا ديدنها. المسنة سعدة، لها من الأبناء ستة جميعهم يعملون في المملكة، تسألها عن أحوالها عن شكواها، ترد بالعامية مزرعتي "دمرها الحوثة" حيث دمر المتمردون والجماعات الموالية للمخلوع صالح مزرعتها وأحرقوا محاصيلها الزراعية وبئرها الارتوازية ولم تعد تشعر بالأمان في منزلها بعد أن فقدت كل جميل، والابتسامة المفعمة بالحياة ذاتها تسكن وجهها كلما تذكرت عبارة "إعادة الأمل" التي أطلقها الملك سلمان بن عبدالعزيز والتي أصبحت على لسان كل مواطن يمني أثبت حبه لوطنه من خلال وقفتهم الشعبية في وجه المتمردين. مظاهر الحزن ودموع الفرح مشهد تكرر كثيرا في صالة الانتظار لدى زيارة "الوطن" منفذ الطوال الحدودي. رضا علي الطيري "خمسيني" نزح برفقة زوجته أم عدنان وشقيقته، يؤكد أن الميليشيات المتمردة تستهدف المدنيين للإساءة لما تقوم به قوات التحالف من خلال عمليات عاصفة الحزم التي أحرقت كل أوراقهم وفي وقت قياسي إضافة إلى أنهم قاموا باختطاف الإعلاميين وأسرهم. أما عمر الجلهومي من محافظة البيضاء ففي وجهه حزن عميق بعد أن فارق قطيعه من الماشية، حاول جلبها معه من القرية إلا أنه لم يستطيع. يروي ل "الوطن" قصة نزوحه قائلا: لم أكن أتخيل أني سأسير يوما ماء دون "قطيع الماشية" أعشق صوتها وأشتاق لرائحتها التي أصبحت جزءا مني. طارق بابكر من الجنسية السودانية يعمل مدير لوكالة سفر وسياحة بالعاصمة صنعاء، نزح برفقة زوجته من الجنسية اليمنية التي تعمل معلمة، أكد أن العبث الحوثي في دولة اليمن أفقدهم الاستقرار والشعور بالأمان وتسبب في غلاء الأسعار وحرم ابنيه "أصيل" و"أصالة" من الدراسة، لافتا إلى أن الأطفال لم يعد بمقدورهم معرفة معنى اللعبة بسبب عبث تلك الجماعات المتمردة والموالية للمخلوع. أبو البراء نازح فلسطيني، قال: "لم يراع المتمردون معاناتنا في أرضنا المحتلة بل عاملوني وكأنني أنا المعتدي وسلبوني مبالغ من النقود كانت هي حصيلتي". ويشيد أبو البراء بإخلاص المواطن اليمني من خلال لجان المقاومة الشعبية التي وضعت على عاتقها الدفاع عن دينها وعقيدتها ضد الجماعات التكفيرية. أما النازح رضا الطيري الذي نزح برفقة زوجته وشقيقته سعدة حينما يتحدث عن قصة الألم في رحلته إلى المملكة وكأنه وحده من يعاني هذه الظروف، جاء ليعيش مع ابنه الذي يعمل فني كهرباء بالعاصمة الرياض هروبا من قسوة العيش وبحثا عن الأمن وانتظارا لبارقة أمل أعلنها سلمان الحزم بعد أن هدأت العاصفة التي أنصفتهم على الجماعات المتمردة على الشرعية في اليمن. إلى ذلك، أوضح مدير منفذ جوازات الطوال الرائد حسن بن علي الصميلي في حديثه ل"الوطن" أن الحكومة الرشيدة وجهت بتسهيل قدوم جميع الجاليات النازحة من دولة اليمن الشقيق والتعجيل بإنهاء إجراءاتهم وذلك بحضور مسؤولين من قنصلياتها. وبين الصميلي أن الحكومة ممثلة في المالية والجوازات وشرطة جازان وكثير من الإدارات ذات العلاقة تقوم بمعاملة النازحين من الدول التي ليس لها ممثليات معاملة خاصة، وذلك بتوفير السكن والمعيشة وتوفير كل الخدمات الأساسية، ما يؤكد أن المملكة تقف جنبا إلى جنب في دعم كل القضايا العربية والإسلامية بالمنطقة وتركز على الجانب الإنساني.