وجه الأمن السعودي صفعة قاسية لتنظيم داعش في سورية بإفشاله مخططات كان يستهدف بها أمن المملكة، باستخدام سيارات مفخخة تم العثور عليها خلال عملية تعقب مطلق النار على دورية أمن شرق العاصمة الرياض في مخبئه، وانتهت بإلقاء القبض عليه. وقدم تنظيم داعش لمنفذ العملية وهو مواطن سعودي يدعى يزيد أبونيان (23 عاما)، دعما عملياتيا ولوجيستيا، عبر ثلاثة وسطاء، أحدهم تولى عملية التجنيد، والآخر تحديد الأهداف، والثالث قدم السلاح. وأعلن المتحدث الأمني بوزارة الداخلية اللواء منصور التركي أن أجهزة الأمن لا تزال تبحث عن شريك أبونيان في العملية ويدعى نواف بن شريف العنزي، ورصدت مبلغ مليون ريال لمن يدلي بأي معلومات تفيد في عملية الإطاحة به. وأشار اللواء التركي إلى أن الأجهزة المختصة ضبطت في مخبأ منفذ عملية استهداف دورية الرياض مادة بيضاء يشتبه بأنها من المواد المتفجرة، مؤكدا أن الداخلية ستعلن خلال الأيام المقبلة وقائع ذات صلة بما أفشل من مخططات كان داعش يستهدف بها أمن المملكة. أحبطت الجهات الأمنية في السعودية مخططا لتنظيم داعش في سورية كان ينوي من خلاله استخدام سيارات مفخخة في تنفيذ عمليات إرهابية داخل البلاد، إذ قادت لكشف هذا المخطط عملية إلقاء القبض على مواطن سعودي متورط في إطلاق النار على دورية شرق العاصمة الرياض. وينتظر أن تعلن وزارة الداخلية خلال أيام حجم هذا المخطط، ومن كان يقف خلفه، وذلك بحسب بيان صادر عن المتحدث الأمني اللواء منصور التركي. وتمكنت الأجهزة الأمنية خلال الأيام الماضية، من إلقاء القبض على المتورط في عملية إطلاق نار على دورية شرق الرياض قبل 18 يوما، التي استشهد فيها رجلا أمن، وثبت لديها مسؤولية تنظيم داعش عن العملية التي نفذها شاب عشريني يدعى يزيد بن محمد أبونيان، سبق وأن كان مبتعثا إلى الولاياتالمتحدة الأميركية، وتشير المعلومات المتواترة عنه إلى أنه فاشل دراسيا. بيانات رسمية وأعلن اللواء منصور التركي أن السيارات السبع التي ضبطت بالمزرعة التي كان يوجد بها أبونيان، كان ثلاث منها في مراحل التشريك. وبحسب البيانات الرسمية، فإن أبونيان في هذه العملية كان ينوي التوجه إلى القتال في سورية، ولكن تنظيم داعش أصر عليه للبقاء داخل السعودية للاستفادة من خبراته في استخدام الأسلحة، وصناعة العبوات الناسفة والتفخيخ، وصناعة كواتم الصوت في تنفيذ عمليات إرهابية داخلية. وقبل 48 ساعة من تنفيذ عملية استهداف دورية شرق الرياض، سعى تنظيم داعش إلى ربط أبونيان بشخصية مجهولة تدعى برجس –اكتشفت القوات الأمنية لاحقا هويته- وكان يتحدث بلهجة مغاربية، وذلك لمساعدته في تنفيذ الجريمة عبر قيادة السيارة وتصوير العملية ومن ثم إرسالها إلى التنظيم الأم في سورية. وطبقا للمتحدث الأمني بوزارة الداخلية، فإن الشخصية المجهولة المدعوة "برجس" التي لم يكن يعلم عنها منفذ العملية شيئا، هي لمواطن سعودي يدعى نواف بن شريف سمير العنزي، وهو عسكري سابق ويبلغ من العمر 29 عاما، وخصصت الجهات الأمنية مبلغ مليون ريال لمن يدلي بأي معلومات تسهل عملية إلقاء القبض عليه، محذرة في الوقت نفسه كل من يتعامل معه أو يقدم له أي نوع من المساعدة أو يخفي معلومات تدل عليه. وتعد عملية استهداف دورية أمن شرق الرياض خامس عملية تثبت مسؤولية تنظيم داعش الإرهابية في الضلوع خلفها، بعد الاعتداء على قرية الدالوة، ومركز سويف الحدودي "شمال السعودية"، واستهداف مقيم دنماركي على طريق الخرج، وجريمة استهداف دورية غرب الرياض التي قبض على مرتكبها خلال محاولته التسلل إلى اليمن. وبحسب المعلومات التي أدلى بها العميد بسام عطية، مسؤول ملف التحقيقات في وزارة الداخلية، فإن وسطاء من طرف داعش نسقوا لعملية استهداف دورية شرق الرياض، أحدهما سعودي يعمل في صفوف التنظيم هناك وسيط تجنيد، والآخر سوري يعمل وسيطا للعمليات، والآخر مجهول أسهم في تقديم السلاح ل"أبونيان" وبرجس، عقب تعذر حصولهما عليه. وأفاد عطية بأن هدف العملية تغير ثلاث مرات متتالية في غضون 48 ساعة، إذ كان العنصران يخططان في بادئ الأمر لاستهداف قيادي عسكري في حريملاء "تم ترصده في وقت سابق"، ومن ثم تغير الهدف ليصبح مركزا أمنيا، قبل أن يستقر الحال على استهداف أي دورية أمنية تابعة للشرطة. أسلحة ومتفجرات وألقي القبض على منفذ الهجوم ضد دورية أمن شرق الرياض بعد دهم مكان اختبائه بإحدى المزارع في مركز العويند بمحافظة حريملاء وتبعد 40 كيلومترا غرب محافظة ضرما، بحسب التركي، فيما عثر على قطعة السلاح المستخدمة في الجريمة، وهي بندقية رشاش بولندي الصنع "عيار 62.7 ملم"، مدفونة في حفرة بعمق نصف متر عن المزرعة التي كان يختبئ الجاني في داخلها، كما عثر في الحفرة نفسها على سلاح آلي آخر مع سبعة مخازن ذخيرة، و166 طلقة حية، ومبلغ مالي قدر 4898 ريالا. وضبطت الجهات الأمنية في المزرعة ذاتها، مادة بيضاء يشتبه بأنها من المواد المتفجرة، فيما أكد المتحدث الأمني بأنها لا تزال تخضع إلى الفحوص الفنية من جهات الاختصاص، ومن بين المضبوطات ثلاثة أجهزة جوال، أخفي أحدها داخل إطار سيارة على جانب الطريق المؤدي إلى محافظة رماح، وتبين من الفحص لمحتويات الأجهزة الثلاثة وجود رسائل نصية متبادلة ما بين منفذي الجريمة والعناصر الإرهابية في سورية، تضمنت إحداها ما يفيد تنفيذهما للعملية مع تسجيل لها بالصوت والصورة، ورسالة أخرى تأمرهما بالاختفاء والتواري عن الأنظار، في مؤشر يهدف إلى ما يبدو لإعجاز الجهات الأمنية عن القبض عليهما، لحين تمكن التنظيم من بث المادة الإعلامية. وتحدث مسؤول ملف التحقيقات بوزارة الداخلية العميد بسام عطية عن سعي تنظيم داعش إلى إقناع العناصر المحلية السعودية الراغبة في القتال بسورية، بأن المملكة أرض جهاد، ومحاولة بعض قيادات التنظيم، استثارة العناصر السعودية ببعض مما كان يقوله زعيم داعش أبوبكر البغدادي، من أن أهل الجزيرة العربية طبعهم الكسل، وأنه لا يريد من أحد الهجرة بل نقل العمليات إلى داخل السعودية لخلق حالة من حرب الشوارع تكون أشبه بالحرب النفسية لإشغال الرياض بالأمن الداخلي. وأفصح عطية عن أن منفذ عملية استهداف دورية شرق الرياض انخرط مع تنظيم داعش عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتأصل الفكر التكفيري لديه ضد الدولة ورجال الأمن، من خلال تلك المواقع. وأفاد بأن هدف وسيط التجنيد وهو سعودي مقيم في سورية، كان تزكية منفذ العملية عند قيادات داعش، فيما كان دور وسيط العمليات الذي كان التواصل معه يتم عن طريق برنامج "التيليجرام"، تحديد العمليات المطلوب تنفيذها، التي قال إنه كان يصفها بدقة وهو موجود في الأراضي السورية. جيش الأطفال وحذر العميد عطية من أن الخطر القادم هو "جيش الأطفال" الذي يتشكل عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، لسهولة التغرير بهم من خلالها، مبينا أن تنفيذ داعش لعملياته الماضية داخل المملكة كان الهدف منها إبقاء الحالة التعبوية وتركيز العدائية في صفوف المتعاطفين، وكشف المحايدين وهم أغلبية، الذين غالبا ما يكونون في المنطقة الرمادية ويسهل التغرير بهم. وفي رده على أسئلة الصحفيين، أكد اللواء التركي أن الجهات الأمنية بخبراتها ومهنيتها، ومن خلال تعاملها مع جرائم مماثلة لجريمة استهداف دورية شرق الرياض، تمكنت من الأسلوب الذي يتبعه داعش لتنفيذ عملياته، مشددا على أن الدور الأمني لا يكتمل إلا بمشاركة المواطن في الإبلاغ عن كل ما يثير الريبة. وعن التهديد باستهداف إحدى منشآت أرامكو النفطية وإحدى الأسواق التجارية، قال اللواء التركي إن التهديد الأخير انتهي، بانقضاء الموعد الزمني المتوقع لحدوث مثل ذلك العمل من دون وقوعه، مؤكدا أن الاحتياطات الأمنية التي عملت جاءت من منطلق مسؤولية الأمن في المبادرة لإفشال خطط الإرهابيين قبل وقوعها. وعلق المتحدث الأمني بوزارة الداخلية على ما قام به يزيد أبونيان من عمل إرهابي تجاه دورية شرق الرياض، بقوله "لو تلاحظون من خلال سياق ما تم كشفه بأن المنفذ ترك وحده، وتخلى عنه الجميع، واستخدم كأداة للتنفيذ ورميت بعد التنفيذ".