في السنوات العشر الماضية تشكل للمرأة حضور مختلف على مختلف الأصعدة الرسمية والتطوعية فبرز منهن قيادات حكومية عليا ودخل مجلس الشورى منهن 30 سيدة. كانت المرأة بحضورها الفاعل ضمن محاور النقاش في جميع قضايا المجتمع وشرفت وطنها في الداخل والخارج تعليميا ووظيفيا ومهنيا وهذا دون شك ما كان له أن يكون لولا الدعم الرسمي والقناعة بما قدمت وتقدم المرأة على مختلف الأصعدة وأصبحت مع هذه القناعة تعيش ضمن نصف المجتمع العامل وليس العاطل كما سبق، بالرغم من أن الطموح يتجاوز ذلك بكثير والثقة بالنفس والقدرة والخبرة والتأهيل كلها موجودة. سيكون المستقبل أفضل بإذن الله تعالى بعد أن فتحت العديد من المجالات لدخولها بعد وقت طويل من قصرها على الرجال في مجتمع ذكوري لا يرى قدراتها سابقا بمثل ما يراها الآن وقناعته بقيمة العطاء وصدق الانتماء وتواتر الوفاء لهذا الوطن الكريم وإنسانه الذي يستحق أن يعمل من أجل سعادته وتقديم كل ما تستطيع المرأة أن تخدم به الرجل والابن والأخ والعم والخال وحتى الجار وابن الوطن في مدنه ومحافظاته وقراه وهجره. نحمد الله أن النتائج التي تحققت في هذا العقد من الزمن قد فاقت الطموح، والقناعة تجاوزت الأمل، والواقع قد تحقق بصورة مثالية ذات قيمة بعد أن كان أمنية أو حلما وهذا دون شك بدعم الدولة وقناعة القيادات ومنحها الفرصة من المجتمع الواثق بها. هذا المدخل يقودنا للحديث عما تملكه المرأة من قدرات وإمكانيات وتأهيل مثلما يملكه الرجل، ولها رغبة وربما أكثر مما لدى الرجل في العمل التطوعي والخيري، وتتقاعد بنفس العمل والخبرة وسنوات الخدمة التي يتقاعد بها الرجل، ومع ذلك لا تجد لها تمثيلا ملزما في الجمعيات الخيرية كعضو مجلس إدارة إلا في الجمعيات النسائية البحتة، أو في جمعية المتقاعدين، وجمعية الأطفال المعاقين، وربما جمعيات أخرى ذات عدد قليل جدا أو ذات منفعة مهنية، مع العلم أن تلك الجمعيات التي لا يوجد في مجالس إداراتها تمثيل نساء تقدم خدمات للنساء والأرامل والأيتام وربما أن الكثير من الحالات تستلزم الوقوف عليها من قبل نساء ويكتفى أما بمشاهدة وزيارة وحديث الرجل في الإدارة التنفيذية أو من أحد أعضاء المجلس وهذا لا نقره ولا يسمح به شرعنا المطهر لأن ما للنساء الأولى به أن يقدم من النساء، ولسنا في الأول والأخير محتاجين لهذا أو معدمين ممن يخدمنا فيه من نفس الجنس ثقة وخبرة وخوفا من الله، أو يكون ذلك بمشاهدة امرأة متطوعة لها صلة بأحد أعضاء المجلس أو بموظفة إذا كان في الجمعية قسم نسائي، وهذا بكل تأكيد فيه خلل واضح لا نتوقع أن يعالج دون تدخل الوزارة التي نتطلع مع وزيرها الجديد أن يجدد في كل تفاصيلها وأنظمتها وينفض عنها البيروقراطية التي ساهمت في إعاقة العمل الخيري فهي لم تطور فيه ولم تتح الفرصة لتطويره والواقع شاهد حال. ولعل من المنصف أن نقتدي هنا بما كان عليه الحال في مجلس الشورى الذي مثلت فيه النساء ب20% في المرحلة الأولى ولهن 30 مقعدا من أصل 150 مقعدا لعموم الأعضاء أو نأخذ بما هي عليه الجمعية الوطنية للمتقاعدين التي أقرت في جمعيتها العمومية أن يكون عدد النساء في مجلس الإدارة 30% من إجمالي الأعضاء مع صدور توجيه في ذلك من الوزارة، وهذا سيحقق دون شك قفزة للعمل الخيري وسيشجع على العمل التطوعي ويوازن الأمور ويبعد التسلط والذكورية عن المجالات التي تستطيع المرأة أن تقدم فيها بمصداقية طالما أنها تجد الوقت لذلك ولديها الهمة والرغبة والفكر الذي يساعدها على أداء رسالة الجمعيات الخيرية المتنوعة لأن القطاع الثالث يحتاج إلى تكاتف الجهود كي ينجح وتحديد النسبة ب30% من الأعضاء سيخدم المرأة العاملة والمستفيدة. قبل الوداع، أتطلع من الوزير والوزارة الإسراع بإعداد قاعدة بيانات تضمن معها النساء الراغبات في العمل الخيري والتطوعي أن يجدن المكان المناسب لهن على أن يحتوي الموقع أو قاعدة البيانات معلومات مستوفية عن الجمعية وأهدافها ورسالتها ورؤيتها والفئة المستهدفة وعدد المشتركين أو المستفيدين من خدماتها، مع التأكيد على وجود سيرة ذاتية لأعضاء المجلس وكذلك برامجهم الانتخابية حتى يتم قراءة المنجزات التي تحققت دوريا وتسهل الإشادة أو المحاسبة، ولا ننسى صعوبة معرفة أمان الاحتياج للعمل التطوعي على المرأة لأنها لا تعرف أين تتجه ولا المكان الذي توجد فيه الجمعية بالإضافة إلى مزاحمتها الرجال للحصول على ذلك ما لم يكن هناك موقع خاص يمكن الدخول عليه والتواصل من خلالها حتى تضمن وجودها عضوا عاملا في المجلس.