أثارت حملات تفتيشية قامت بها أمانة جدة ونجم عنها إغلاق كثير من المطاعم جدلا واسعا بسبب الخسائر المادية التي ترتبت على الإغلاق، والتشهير بملاكها الذين اعترضوا على الإضرار بسمعتهم. وفيما يتمسك القائمون في الجهات الرقابية بضرورة الاستمرار في هذا الدور الذي يحمي المستهلك، ويحافظ على صحة المواطن والمقيم، يهدد ملاك المطاعم برفع دعاوى إلى القضاء، تطالب بمنحهم فرصة التصحيح قبل الإغلاق. وكانت حالات التسمم الغذائي التي استقبلتها مستشفيات جدة بلغت 115 حالة خلال العام الماضي، معظمها جاءت بعد تناول وجبات في المطاعم، مما حدا بتشديد الاشتراطات الصحية على نظافة المطاعم وخلو العاملين بها من الأمراض وسلامة التخزين وتداول الأغذية ووجود رخصة مزاولة المهنة. نظام معتمد أكد مدير العلاقات العامة بأمانة جدة محمد البقمي وجود نظام حكومي معتمد من مجلس الوزراء السعودي ووزارة الشؤون البلدية والقروية ينص على توثيق المخالفة بطريقة نظامية، موضحا أن هذا النظام لا ينال استحسان مالكي المطاعم الذين يتهمون الأمانة بالتشهير بهم والإضرار بسمعة مطاعمهم، ويهددون باللجوء إلى القضاء، ويطالبون على أقل تقدير بالغرامات المالية إن لزم الأمر من دون الإغلاق. وأضاف "الأمانة من حقها التوثيق بالطريقة التي تراها مناسبة لحماية حقوق المستهلك، ولكن ملاك المطاعم أرادوا التحدي خلال الحملة التفتيشية التي أدت إلى إغلاق مطاعمهم، فقاموا بفتح مطاعمهم رغم أن هذا يعد مخالفة، فلا يجوز إعادة الفتح بعد الإغلاق إلا بقرار من الأمانة التي تملك صلاحية هذا الشأن إذا ما ارتأت أن المطعم قام بتصحيح الوضع كما ينبغي". ورغم أن بعض ملاك المطاعم رفع شكوى ضد أمانة جدة إلى إمارة منطقة مكةالمكرمة وديوان المظالم، إلا أن البقمي أكد أن الحملة مستمرة في إغلاق المطاعم التي يتم ضبط مواد غذائية فاسدة فيها، أو تفتقر للنظافة أو تعمد إلى تخزين وتداول الأغذية بطريقة غير سليمة، أو لا تملك الرخصة الرسمية، وذلك لأن دورها يقتضي حماية المستهلك والمحافظة على صحته. وكشف البقمي أن لدى الأمانة خطة جديدة لحملات التفتيش تستهدف كل ما يمس بصحة الناس، تشمل إضافة إلى المطاعم، جميع المقاهي والمحال التجارية لبيع المواد الغذائية، نافيا أنها تستثني المطاعم الفاخرة والكبيرة كما يدعي البعض، مؤكدا أنها موجهة للجميع، وأنه بالفعل تم القيام بجولات ميدانية من خلال البلديات الفرعية في مختلف مواقع المطاعم أدت إلى إغلاق وإنذار أكثر من 30 مطعما بسبب مخالفتها للاشتراطات الصحية. الغذاء السليم من جهته، أوضح استشاري التغذية العلاجية نائب رئيس الجمعية السعودية للغذاء والتغذية الدكتور خالد مدني أن من أساسيات الغذاء الصحي خلوه من التلوث بالميكروبات والفيروسات والطفيليات لأنها تنقل أمراضا خطرة تهدد صحة وحياة الإنسان وربما تؤدي إلى الوفاة، مشددا على ضرورة اتخاذ معايير السلامة الكاملة التي تشمل أيضا نظافة العامل وخلوه من الأمراض والجروح كي لا يتسبب في نقل الأمراض أثناء تجهيزه للمأكولات، إضافة إلى أهمية نظافة المكان والأدوات المستخدمة والمواد الغذائية. وأيد مدني عملية إغلاق المطاعم المخالفة، مبينا أن الجهات الرقابية تأخرت كثيرا في القيام بهذه الحملات، مطالبا بغلق جميع افرع المطاعم التي تم ضبطها مخالفة في جدة، من دون أن تقتصر العقوبة على فرع دون آخر، ليكون درسا للجميع يدفعها إلى التمسك بالاشتراطات الصحية التي تضمن سلامة المستهلك وتقديم الغذاء الصحي السليم إليه. 115 حالة تسمم كشف مدير إدارة صحة البيئة والصحة المهنية بوزارة الصحة بجدة الدكتور فهد فؤاد قمري أن مستشفيات جدة استقبلت 115 حالة تسمم غذائي خلال 2014 معظمها حدثت نتيجة تناول وجبات غذائية في المطاعم، مضيفا أن عدد المراقبين الصحيين الذين قاموا بالجولات التفتيشية على المطاعم من الشؤون الصحية بجدة بلغ 80 مراقبا، إضافة إلى القائمين بالجولات اليومية التابعين للأمانة. وأبان أن دور إدارة صحة البيئة في الرقابة على المطاعم يتمثل في التعاون مع الأمانة من خلال أخذ عينات من الأطعمة ومياه الشرب وإرسالها إلى المختبر الإقليمي الذي بدوره يرسل تقريرا مصورا للأمانة عن مدى سلامة هذه المطاعم، وفي حال اكتشاف أن أحد هذه المطاعم غير لائق صحيا يتم إبلاغ الأمانة عنه حتى يتم اتخاذ الإجراء الصحيح حياله سواء بالغرامة أو الإغلاق، لافتا إلى أنه في حالة إبلاغ صحة البيئة أن هناك حالات تسمم غذائي في المستشفيات أو المراكز الصحية يقوم المراقبون بزيارة المرضى للتعرف على وقت تعرضهم للتسمم والاطلاع على التحاليل التي أجريت لهم. كما يقوم المراقبون بزيارة المطاعم المشتبه بأنها تسببت في حدوث التسمم الغذائي للمرضى الذين يرقدون على الأسرة البيضاء في المستشفيات، وإذا تم التأكد من أن هذه المطاعم غير ملتزمة بالاشتراطات الصحية تغلق لخمسة أيام كإجراء احترازي، ويتم إرسال العاملين بها إلى المختبر الإقليمي لأخذ مسحات من اللعاب والأظافر ومن الجهاز التناسلي لهم للتعرف على الأمراض المصابين بها، وإذا ثبت أن العمالة والمطعم غير لائقين صحيا، يتم إغلاق المطعم نهائيا وتفرض غرامة على مالكه. صوت المستثمر من جانبه، أوضح رئيس لجنة الضيافة في الغرفة التجارية والصناعية بجدة عادل عبدالمنيف مكي أن دور اللجنة يتمثل في تعزيز دور المستثمر وتصحيح الخلل في المطاعم وجذب مستثمرين جدد لقطاع الاستثمار في المطاعم وإيصال صوت المستثمرين الذين تضرروا من الحملات التفتيشية التي قامت بها أمانة جدة عليها. وأضاف أن اللجنة جمعت ملاك المطاعم المتضررة من الإغلاق للاستماع إلى شكاواهم وحجم الضرر الذي لحق بهم، وقال "ملاك المطاعم التي أغلقت أبلغوا اللجنة أن مراقبي الأمانة يفتشون المطاعم ولديهم نية مسبقة بالإغلاق على اعتبار أن هناك مخالفات لا تتطلب الإغلاق وتستحق الاكتفاء بالإنذار أو الغرامة مع منح فرصة للملاك لتصحيح الوضع. هناك أنظمة ولوائح تحدد الأوقات التي يسمح فيها بإغلاق المطاعم، إلا في حالة وجود حالات تسمم نتيجة تناول وجبات غذائية في المطعم أو عدم وجود رخصة مزاولة المهنة من البلدية". وقال إن لجنة الضيافة تتعاون مع الأمانة لتصحيح الوضع وترقية الخدمات، لكن طريقة الحملات بإغلاق المطاعم بهذه الأعداد الكبيرة من أول زيارة تفتيشية لم يكن سليما، وكان يجب توجيه إنذار للمطعم المخالف قبل إصدار العقوبة المالية على أن يأتي الإغلاق كإجراء أخير، ذلك أن الخسائر ليست مادية فقط بل تمتد إلى سمعة المدينة التي تعد أحد أفضل الوجهات السياحية فيتأثر النشاط السياحي فيها. وأبان مكي أنه بعد الاطلاع على شكاوى المستثمرين في مجال المطاعم تم التواصل مع مسؤولين بالأمانة لإقامة ورش عمل من أجل تطوير وتحسين بعض اللوائح، لكن الرد لم يصل، فقال "لم يصلنا من الأمانة أي رد حتى اليوم، لذا فإن لجنتي الضيافة والسياحة سترفعان خطابا لأمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل للمطالبة بإيقاف الحملات ومنح فرصة للمطاعم بتصحيح أوضاعها أولا قبل الشروع بالإغلاق لأن بعضها تحتاج إلى التعديل فقط، كما أننا نطالب بعدم التشهير لأنه يخالف الأنظمة والقوانين".