"شعرت بالخجل والحزن على نفسي وعلى عدد من المثقفين الذين وضعوا في موقف حرج، وهم على منصات التوقيع في معرض الرياض الدولي للكتاب". بهذه الكلمات لخص الكاتب الدكتور عبدالله مناع تجربته السابقة في إحدى منصات التوقيع في المعرض، متحدثا إلى "الوطن" عن أهمية تطوير آلية حفلات التوقيع بالمعرض، بما يتناسب مع التقليد العالمي المتعارف عليه، إذ وصف ما شهدته جميع دورات المعرض السابقة بأنه "غير حضاري" على حد تعبيره. وتابع المناع مفصلا ومؤصلا "حفلات توقيع الكتب تقليد غربي عريق للتعريف بالإصدارات الجديدة، والنقاش حولها مع مؤلف وناشر الكتاب، وهنا أذكر أن أول تجربة لي هي حضور توقيع كتاب عن الحضارة الإسلامية باللغة الفرنسية في باريس، قبل سنوات طويلة، ولفت نظري هذا التقليد الجميل، وبعدها حضرت بعض حفلات توقيع كتب للشاعر الراحل نزار قباني، ثم جاءت التجربة الشخصية المهمة وهي توقيع كتابي "بعض الأيام بعض الليالي" الذي يروي جزءا من تاريخ الصحافة في السعودية، إذ نظم فرع جمعية الثقافة والفنون بجدة قبل ست سنوات حفل توقيع حضره جمع كبير وحظي بنقاشات في مضامين الكتاب امتدت حوالي الساعتين". ثم جاءت التجربة الأهم بالنسبة لي وهي توقيع كتابي "تاريخ ما لم يؤرخ" الذي استضافت حفل توقيعه "مدينة الطيبات"، وهو متحف أهلي في جدة، وحظي بحضور كبير. وبعدها وقعت طبعة جديدة للكتاب نفسه في معرض الرياض، فكانت تجربة "سقيمة"، إذ يبقى المؤلف في ما يشبه "الكشك"، وينتظر أي شخص يمر عليه من هنا أو هناك لأخذ نسخة مع توقيع، ويأتي واحد أو اثنان أو لا يأتي أحد، وكنت سأخرج من المكان خجلا من الموقف الذي شعرت به. وأريد التأكيد هنا على أن فكرة حفلات التوقيع في معرض مهم مثل معرض الرياض فكرة جميلة، لكنها تحتاج إلى تطوير الآلية والتغيير الجذري للوضع الحالي الذي لا يتناسب مع مفهوم حفلة توقيع كتاب، فحفلات التوقيع الحقيقية هي أشبه بورشة مصغرة عن مضمون الكتاب، يفتح خلالها نقاش جاد مع مجموعة مهتمة". وأضاف المناع أحد ألمع رؤساء التحرير في الصحافة السعودية في عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، ومؤسس مجلة "اقرأ" وأول رئيس تحرير لها "على الإخوة المنظمين للمعرض الترشيد في قضية التوقيعات، فليس كل كتاب يصلح أن يوقع.. بعض الكتب ذات مضامين سطحية جدا، ورغم ذلك تجد أصحابها يعتلون منصة التوقيع، وهذا لا يتسق مع مفهوم توقيع الكتب، كونه تقليدا ثقافيا له محددات يجب أن تراعى". وهذا العام ينتظر أن يوقع المناع كتابه الجديد "شموس لا تغيب" الذي يتحدث فيه عن نجوم من مختلف دول العالم، بحسب منظوره، ويقول "المعيار في النجومية عندي هو أنه كان لهم تأثير كبير وحقيقي في الفكر الإنساني، وتطرقت لأسماء مهمة في تاريخ الثقافة السعودية مثل حمد الجاسر، وطاهر زمخشري، ومحمد حسن العواد، وحمزة شحاتة، ومحمد حسين زيدان، وعبدالله عبدالجبار، وأحمد قنديل، وأحمد السباعي". غير أن المناع يختم مستدركا "لن أعيد تجربة التوقيع في معرض الرياض إذا بقيت الآلية على ما هي عليه، بل سأوقعه في جدة في أي تجمع ثقافي".