أجمع قانونيون ومختصون ورجال أعمال ومطورون عقاريون على أن توفير الأراضي الصالحة للبناء وحل مشكلة الإسكان يتطلبان توصيل المزيد من المرافق والخدمات للمخططات الجديدة حتى تدخل هذه المخططات مجال البناء والتداول العقاري، كما يتطلب حسم مشكلة توقيف الصكوك العقارية أو الطعن بإلغائها وإعادة الصحيح منها إلى أصحابها لكي يتم تداولها وطرحها للبيع والشراء، خاصة الصكوك ذات المساحات الشاسعة التي لا تحمل شبهات، فيما يتم تسليم غير الصحيح أو غير السليم منها إلى الجهات الحكومية المعنية لتوزيعها للمواطنين والبناء عليها. أراض قابلة للبناء و أكد نائب رئيس لجنة المقاولين بغرفة جدة عبدالله رضوان أنه يجب وضع الحلول الناجعة لتخصيص أراض قابلة للبناء في المناطق المتاخمة للرقعة الإسكانية من كل الاتجاهات، إذ إن التوسع العمراني مثلا في مدينة جدة يتجه إلى الشمال والجنوب، وأنه في جدة نحو 65% من الأراضي البيضاء لم تتم الاستفادة منها لارتفاع أسعارها، وبذلك لا يستطيع أي مواطن الشراء والتملك بسبب ارتفاع الأسعار التي لا تتناسب مع دخل المواطن متوسط أو محدود الدخل، لذلك نجد المواطنين يتجهون إلى مناطق بعيدة نسبيا مثل منطقة أبحر التي لا تزال أيضا مرتفعة الأسعار، إذ تصل قيمة كلفة البناء ما نسبته 80% من دخل المواطن، لذلك لا يستطيع المستهلك الشراء، ما أدى إلى بقاء مساحات فضاء دون استفادة، وهذه مشكلة تواجه العقار وأدت إلى التضخم في هذا السوق، وتوقع رضوان أن تكون هناك إجراءات تنظيمية جديدة لإعادة النظر في الأراضي الملغاة صكوكها حتى يتمكن أصحابها من تجهيز بنيتها التحتية من أجل الاستثمار بها وعرضها أمام المستهلكين، خاصة صكوك الأراضي ذات المساحات الشاسعة والصحيحة والشرعية ومنها على سبيل المثال الأراضي المشتراة من العين العزيزية منذ فترات زمنية طويلة. بنية تحتية وأشار رضوان إلى أنه لا بد أن تكون لكل المخططات بنية تحتية تساعد في زيادة الطلب على الأراضي ذات المساحات الشاسعة بما يشكل حافزا للاستثمار والبناء على هذه الأراضي، مشيرا إلى أن القرار الأخير الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بتخصيص 20 مليار ريال لتنفيذ مشاريع الكهرباء والمياه في المخططات السكنية سوف يعمل على رواج الاستثمار في هذا القطاع، ويؤكد أنه يولي قطاع العقار أهمية كبيرة وعلى المسؤولين كافة في الأمانات ووزارة الإسكان أن يحذوا حذو هذا التوجه المبارك الميمون، وتوقع رضوان أن يكون لهذا القرار دور كبير في إنعاش القطاع العقاري والتقليل من الفجوة بين العرض والطلب، وأضاف أن عددا من المخططات السكنية في المملكة غير متاحة للسكن بسبب عدم توافر البنية التحتية الضرورية ومنها الكهرباء والماء، ولذلك فإن الأمر الملكي الكريم جاء داعما بقوة لتوفير الفرص لإقامة المساكن على هذه الأراضي في تلك المخططات، وهو ما يخفف العبء على وزارة الإسكان، ويحقق الاستفادة من القروض العقارية والبرامج التمويلية التي قدمتها وزارة الإسكان بما فيها قروض صندوق التنمية العقارية. تقييم الصكوك وطالب رضوان بإعادة تقييم صكوك الأراضي ذات المساحات الشاسعة وتحويلها إلى صكوك إلكترونية مع إعادة مراجعتها للتأكد من صحتها وتصنيفها في حكم الصكوك المعترف بها، فوضع الأراضي ذات المساحات الشاسعة بدون استفادة منها يسبب إشكالا وأزمة في التوسع العمراني في المدن الكبرى. إلغاء الصكوك و يرى رئيس مجلس إدارة شركة خط التطوير الدكتور عبدالملك الروق أن إلغاء صكوك الأراضي يعني عدم ثبوت ملكيتها، لأن الصك الشرعي يمر بمراحل متعددة، منها أن يمتلك الشخص حجج استحكام قبل استخراج الصك وفي هذا الحال يصبح المالك له الأحقية في هذه الأرض، وفي حال تم إلغاء صك من قبل المحاكم فهذا يعني أن ذلك الصك عليه شبه ما ويتطلب إلغاؤه وإرجاع الأرض لأملاك الدولة، وليس بالضروري أن ترجع تلك الأراضي إلى الإسكان، فالدولة لها الأحقية في هذه الأراضي وتؤول لأي جهة، فهناك مرافق صحية ومرافق تعليمية وجميع الأراضي التي ليس لها حجج استحكام قبل الصكوك تعدّ ملكا للدولة، ودعا الروق إلى ضرورة حماية مشتري الأرض من صكوك تم إلغاؤها لسبب أو لآخر، إذ لا ذنب له فيما حدث، ولا علاقة له بأصل الصك ما دام اشتري وفقا لإجراءات بيع وشراء صحيحة ومشروعة، موضحا أنه يحق لكل مواطن تم إلغاء صك أرض له تم شراؤها من عقاريين أو مكاتب عقار، العودة إلى القضاء والمطالبة باسترداد حقوقه من البائعين أو المطالبة بتعويض عن الضرر الذي لحق به جراء إلغاء تلك الصكوك، موضحا أن حل مشكلة الإسكان وتوفير منازل تناسب أصحاب الدخول المتفاوتة يتوقف على توفير أراض مرفقة ومتصلة بالكتل السكنية، مؤكدا في هذا الصد أن فرض الرسوم على الأرض البيضاء ليس حلا وليس من المقترحات الفعالة التي يمكن أن تطبق، فالمالك يدفع عن هذه الأراضي زكاة سنويا وحتى في حال صدور نظام دفع رسوم على الأراضي البيضاء فلن يخرج ذلك عن دفع الزكاة. أراض صالحة وأوضح المستثمر في مجال العقار منصور خميس أنه لا بد من نظرة مستقبلية بعيدة لتوفير الأراضي الصالحة للبناء، معدًّا توقيف الأراضي البيضاء بمساحات شاسعة خاصة في مدينة جدة يخلق أزمة لدى من يريد التملك، إذ تفتقر هذه الأراضي إلى البنية التحتية من كهرباء وماء وخدمات أخرى يحتاجها ممن يرغبون في الشراء والتملك، مشيرا إلى أن ما حدث في بعض المخططات التي تم توزيع أراضيها عن طريق البيع دون أن تكتمل البنية التحتية لها يعدّ مخالفا، فنجد عند بيع مخطط من الأمانات والاشتراط على المستثمرين أو المطورين العقاريين القيام بعمل البنية التحتية، ولم تنفذ الأمانة بل لم تطبق ذلك على نفسها. وأشار إلى أن هناك قرارا وزاريا يمنع بيع أو توزيع أي مخطط دون اكتمال البنية التحتية، وهذا ما يجب تفعيله والالتزام ببنوده، وقال "إن ما حدث سابقا في مخطط بشمال جدة مخالف لجميع الاشتراطات النظامية، حيث تم بيع أراضي المخطط دون تطوير أو توفير خدمات البنية التحتية، وتم إيقاف البيع فيه لوجود مخالفات". فحص الصكوك وأوضح المستشار القانوني إيهاب السليماني أنه لا بد من فحص الصكوك بدقة وبشكل سريع وباستخدام التكنولوجيا الحديثة في فحص وتصنيف الصكوك، مبينا أن هناك صكوك أراض في مدينة جدة تم إلغاؤها لوجود شبهات حولها بالفعل، وهذا ما قامت به وزارة العدل من خطوة تحسب لها في تكوين لجان متخصصة داخل محكمة العدل لمراجعة الصكوك وتتبعها، وهناك صكوك عليها خلاف على الرغم من شرعيتها كصكوك التي أصدرت عام 1395 والتي تعرف بصكوك عين العزيزية تعد محصنة، خاصة أن العين العزيزية لم تعترض على هذه البيوعات، وتعترف بصحتها وأنها كانت وفقا لعقود بيع وشراء حقيقة وبمقابل مالي متفق عليه وصدرت لهذه البيوعات صكوك من كتابات عدل. كاشفا أن الذي يتبع وقف عين العزيزية ويعرف تاريخ تلك العين والأراضي التي باعتها من قبل يجد بالفعل أن إدارة العين باعت ما يدخل تحت ملكيتها وضمن اختصاصها لأشخاص ومنحهم صكوكا أو حجج استحكام ومبايعاتهم صحيحة، وفي المقابل هناك مساحات بيعت من قبل إدارة العين ولم تكن من ضمن ممتلكاتها، ما تسبب في حدوث خلاف حول جميع الصكوك بسبب هذه التجاوزات، وترتب على ذلك كثرة الدعاوى من الأمانات ضد صكوك عين العزيزية رغم مرور 60 عاما على بيع تلك الأراضي، وأوضح السليماني أن الوقف لم تكن لديه جهة هندسية لذلك كان من المفترض على أمانة جدة أن تقوم بالاطلاع على الموقع وتحديد ما يدخل ضمن وقف عين العزيزية من عدمه، ودعا إلى تشكيل لجنة مشتركة من الجهات المعنية لمراجعة هذه الصكوك ومعرفة أصولها حتى تتضح الصكوك الأصلية من المشبوهة.