تطالعنا وسائل الإعلام بين الفينة والأخرى بأخبار توحي بتدني الوعي بأهمية وسائل السلامة لدى بعض شرائح المجتمع لا سيما ربات البيوت، ولعل آخرها ما نشر على هامش المؤتمر الدولي الخامس لمهندسي الوقاية من الحريق، حيث ورد بأن ربات البيوت يرفضن وسائل السلامة بحجة تشويهها لجمال منازلهن وعليه أحببت المشاركة بهذا المقال. لقد جاء الإسلام بحفظ الضرورات الخمس ومنها حفظ النفس والمال، وشدد الشارع المطهر الحكيم على عمل كل ما يوجب حفظ ذلك، قال تعالى: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"، وقال المصطفى عليه أزكى الصلاة وأتم التسليم، على إثر بيت احترق على أهله بالمدينة "إن هذه النار إنما هي عدو لكم فإذا نمتم فأطفئوها عنكم"، وفي هذا ما يثبت أن السلامة مطلب شرعي دعت إليه نصوص القرآن وسنة المصطفى. إن وعي الإنسان بقيمة وأهمية السلامة له علاقة وثيقة بقيمه تجاه مسؤولياته الأسرية والأخلاقية والوطنية، لذا كان لزاما علينا أن نبني قيمة وقدرا مناسبا للسلامة وأهميتها في حياة كل شخص، وبالقدر الذي تزداد أهمية السلامة في مجتمع ما فإن ذلك مؤشر إيجابي نحو رقيه وتقدمه. وما نراه في المجتمعات المتقدمة من استيعابها لمفاهيم السلامة وحرصها الشديد على تطبيق كافة مبادئها دون انتظار تشريعات أو لوائح ملزمة، لهو دليل واضح على إيمانهم العميق بدورها وأهميتها. إن تطبيق مبادئ السلامة لم يعد مظهرا من مظاهر الترف ولا إجراء من الإجراءات الكمالية، بل أضحت ضرورة ملحة على كل الأصعدة يتطلب حضورها في شتى مناحي الحياة، ولا يساورني شك في أن حضورها في المنزل من أوجب الواجبات، وهو ما ننادي به في الدفاع المدني لكي تصبح مفاهيم السلامة أسلوب حياة وعملا حياتيا مستمرا، وليبادر المجتمع تلقائيا وعن قناعة تامة للالتزام بها، وليؤمن بدورها في تعزيز واستقرار الأسرة والمجتمع دون الإحساس بشعور من التقييد أو الضيق. ووسائل السلامة في المنزل لا يمكننا القول بأي حال من الأحوال أنها تسلب أو تشوه جماليات المنزل، فها نحن نراها في ردهات أفخم الفنادق والمنتجعات السياحية التي تكون أشد حرصا على جماليات المكان، ولم نجدها تسيء للمنظر بل تزيده جمالا ورقيا، ثم إن وسائل السلامة يمكن أن تضيف للمنزل بعدا جماليا آخر إذا ما أخذت في الحسبان أثناء تصميم المنزل بوضعها ضمن إطار ديكوري يتناسب مع اللون والمكان التي توضع فيه. كما أنه بالإمكان أن تضع ربة الأسرة وسيلة السلامة في مكان غير ظاهر إذا ما سرنا مع من يقول إنها تشوه المنظر مع إيماننا العميق بعدم مصداقية ذلك. إن الوعي بالمردود النفعي لوسائل السلامة في المنزل في المحافظة على سلامة حياة الأسرة بشكل عام والأطفال بشكل خاص لا يتقاطع مع جماليات المسكن، فسلامة فلذات أكبادنا تربو فوق كل مصلحة وفوق كل اعتبار.