أكد بحث علمي أن منح الأطفال جرعات من الأدوية في مدة قصيرة لا تتجاوز أربع ساعات قد يؤثر على وظائف الكبد، أو يتلف بعض خلاياها، كما أن كمية الجرعة تعطى بحسب وزن الطفل وليست ثابتة كالكبار. وقال استشاري علاجيات الأطفال بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني ماجد إبراهيم الجريسي إنه توصل من خلال بحثه إلى أن الأطفال يختلفون عن الكبار اختلافا جذريا فيما يتعلق بالدواء من حيث الجرعات والأشكال الصيدلانية ومدى مأمونيتها. وأضاف أن الدراسات التي أجريت على الأطفال لاختبار فعالية الأدوية في معالجة الحالات المرضية محدودة، وأن الأمر يزداد تعقيدا عند التحدث بتفصيل أكبر عن الفئات العمرية في مرحلة الطفولة، فهناك الطفل حديث الولادة والرضيع، والطفل الصغير، والحدث، إلى أن نصل إلى سن المراهقة، وكل فئة عمرية لها خصائصها من حيث تعامل الجسم مع الأدوية عند تناولها، وقد أثبتت الإحصائيات التي أجريت في بداية الثمانينيات أن 80% من الأدوية التي توصف للأطفال لم تقنن ولم تجر لها دراسات سريرية على الأطفال، وإنما أعطيت الجرعات عشوائيا على أنها تمثل نصف جرعات البالغين، واستمر الأمر على هذا الحال حتى بداية التسعينات عندما ألزمت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية شركات الأدوية بعمل دراسات سريرية لاختبار مأمونية وسلامة الأدوية لدى الأطفال، مما أدى إلى تحسن الوضع بشكل كبير، وانحسرت النسبة السابقة إلى 30%. وأشار الجريسي إلى أن خطورة الأمر تكمن في أن هناك اختلافات كبيرة بين الأطفال أنفسهم حسب الفئات العمرية، فقد تؤثر هذه الأدوية سلبا على بعض أجهزة الجسم كالكبد والكلى، ولذلك تحسب جرعات الأدوية للأطفال حسب وزن الجسم بخلاف جرعات الكبار التي عادة ما تكون ثابتة. وأوضح الباحث أن كثيرا من الآباء والأمهات يعتقدون أن أطفالهم يحتاجون إلى دواء بمجرد حدوث اعتلال في أجسام أطفالهم، أو ظهور أعراض مرضية عليهم، وهو اعتقاد خاطئ، حيث يظنون أن الأطفال لا يتحملون هذه الأعراض وأن ذلك يؤثر على مناعة أجسامهم، وهو أمر غير صحيح، فالأعراض المصاحبة لاعتلال الجسم كالحرارة مثلا نتيجة طبيعية تعكس مقاومة جسم الطفل لهذه الأمراض، ولابد من استخدام الأدوية في الوقت المناسب حسب شدة الأعراض، ومدة حدوثها، وتأثيرها على الطفل، وكل ذلك يتم بعد كشف الطبيب المختص وتشخيصه لحالة الطفل. وأشار الزهراني إلى أن ارتفاع حرارة جسم الطفل أمر مقلق دائما للأسر، ولكنه نتيجة طبيعية لردة فعل جهاز المناعة، وارتفاع الحرارة مؤشر مهم جدا لصحة الطفل، وتختلف طرق علاجه، مشيرا إلى أهمية سرعة الكشف عن أسبابه حسب سن الطفل، فالطفل أقل من ستة أشهر إذا ارتفعت درجة حرارته أكثر من 38 درجة، يجب إعطاؤه دواء خافضا للحرارة، ونقله مباشرة إلى أقرب مستشفى لإجراء الفحوصات اللازمة، ويرجع ذلك إلى سببين الأول أن مناعة الجسم ضعيفة لا تستطيع مقاومة الالتهاب لفترة طويلة، والسبب الآخر هو سرعة انتشار العدوى. وأوضح الباحث أن الأمر قد يلتبس على كثير من الآباء والأمهات حول الأدوية الخافضة للحرارة، التي تعطى إما عن طريق الفم، أو عن طريق فتحة الشرج، وذلك لكثرة أنواعها وأسمائها، فيقعون في حيرة وعدم معرفة أي الأدوية أفضل، ومتى يمكن أن تعطى للطفل جرعة أخرى إذا استمر ارتفاع الحرارة. وقال الجريسي إن بحثه كشف أن من القواعد الهامة التي يجب معرفتها عند إعطاء جرعة للأطفال أنه يجب أن يعطى الطفل جرعة صحيحة حسب الوزن، فمثلا عند إعطاء أدوية مشتقات الباراسيتامول، تحدد الجرعة حسب وزن الطفل، فتكون ما بين 10 إلى 15 ملجم لكل كجم للجرعة الواحدة كل أربع إلى ست ساعات، محذرا من إعطاء الطفل أي جرعة أخرى قبل مضي أربع ساعات على الأقل، مع ضرورة قراءة تركيز الدواء المكتوب على العلبة، لتحديد كمية الجرعة، وإذا استمر ارتفاع الحرارة، ينصح باستخدام الكمادات على الرأس لتفادي حدوث تشنجات حرارية. وكشف البحث عن بعض الأخطاء الشائعة التي تقع فيها الأمهات والتي من أهمها إعطاء الطفل جرعة عن طريق الفم، وأخرى عن طريق الشرج في مدة قصيرة لا تتجاوز أربع ساعات، حيث هذا الفعل قد يؤثر على وظائف الكبد أو يتلف بعض خلاياها.